في المسألة قولان: قيل: بإجزاء البدل، وقيل: بوجوب الانتقال إلى الأصل، وبعضهم فرق بين المسائل المذكورة ففي بعضها أفتى بالإجزاء وفي بعضها أفتى بوجوب الانتقال إلى الأصل [وإني بقيت ردحاً من الزمان أبحث عن ضابط يفرق بين المسائل التي يلزم فيها الإنسان أن ينتقل إلى الأصل حال القدرة عليه والتي لا يلزمه الانتقال إليه ولو مع القدرة، فلم أجد لذلك أثرًا في كتب الفقهاء، إلا ما وجدته في كتاب "القواعد" لابن رجب ولكنه فارق ليس بواضح كثيرًا؛ ولأنه جعل فيه مسائل مترددة بين الأصلين زادت من وهج المشكلة، ثم لما انقطعت الحبال في يدي توجهت إلى الله تعالى بالدعاء أن يفرج كربي وأن ينفس همي وأن يدلني على ضابط هذه المسائل فاستجاب لي ولم يخيب رجائي وإني والله لأحقر من أن يلتفت الله لدعائي لأنه يعلم ما عندي من الذنوب والمعاصي، ولكنه الراحم المتفضل، فهداني إلى ضابط عظيم جدًا قست عليه جميع المسائل فوجدتها مطردة عليه، بل ويوافق تخريجها على هذا الضابط كل الأدلة وما قاله الفقهاء فحمدت الله تعالى وسجدت له شكرًا على هذه النعمة، وإنها والله لأغلى عندي من نعمة الولد والزوجة والمال، بل وأغلى عندي من نعمة الحياة ذاتها فارتاح خاطري وهدأت نفسي، وإليك الآن شرح هذا الضابط لأنه يحتاج إلى شيء من الفهم] .
فأقول: إن الانتقال من الأصل إلى البدل لا يخلو من حالتين: