فنقول: لو اغتسل الإنسان فإن الجميع اتفقوا على أنه قد جاء بالمأمور، إما أمر إيجاب أو استحباب، ولو لم يغتسل لأنكر عليه القائلون بالوجوب، فيستحب للإنسان الاغتسال لأنه فعل لما اتفق عليه العلماء، وفعل ما اتفقوا عليه أولى من فعل ما انفرد به أحدهما ما أمكن، فهنا يعلل استحباب الغسل بالخروج من الخلاف لأن في المسألة نقطة اتفاق وهي أن يغتسل.
ومنها: اختلف العلماء في حكم طواف الوداع للمعتمر، فقال بعضهم: واجب. وقال بعضهم: سنة، فنقول: لو طاف الإنسان للوداع في العمرة فإن كلا الفريقين اتفقوا على أنه قام بالمأمور سواءً أمر إيجاب أو استحباب، لكن لو لم يطف لأنكر عليه القائلون بالوجوب، فيستحب له الطواف خروجًا من الخلاف؛ لأن في هذه المسألة جزئية اتفق عليها العلماء، والله أعلم.
ومنها: تحية المسجد فيها خلاف فقيل بالوجوب، وقيل بالندب. فنقول: لو صلاها الإنسان فإن الجميع اتفقوا على أنه قام بالمأمور، لكن لو لم يصلها لأنكر عليه القائلون بالوجوب، فيستحب أن يصليها خروجًا من الخلاف.
ومنها: اختلف العلماء في الوتر، فقيل سنة مؤكدة، وقيل واجب، لكن لو صلاه الإنسان لاتفق الجميع على أنه قام بالمأمور، ولو لم يصله لأنكر عليه القائلون بالوجوب وفعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهما ما أمكن.
ومنها: اتفق الجميع أن عادم الماء إن وجده قبل الصلاة فعليه استعماله، وإن وجده بعد الصلاة صحت في قول الأكثر، لكن ما الحكم لو وجد الماء بعد الشروع وقبل الانتهاء؟ الجواب: فيه خلاف، فقيل ببطلان صلاته لبطلان تيممه، وقيل بصحتها؛ لأنه دخلها بطهارة كاملة وعلى وجهٍ مأمورٍ به شرعًا فلا وجه لبطلانها.