رسالة "في مبادئ فلسفة ديكارت مبرهنة على الطريقة الهندسية" كتمهيد ومدخل لفلسفته الخاصة، وهذا أمر جدير بالذكر. ثم عرض فلسفته في "الرسالة الموجزة في الله والإنسان وسعادته"" ١٦٦٠ " كتبها لأصدقائه المسيحيين ولم تنشر، وقد ضاع الأصل وبقيت ترجمتان هولنديتان نشرتا سنة ١٨٥٢. ثم وضع رسالة "في إصلاح العقل" هي بمثابة مقدمة في المنهج وفي قيمة المعرفة، أو هي من طراز "المنطق الجديد" لفرنسيس بيكون، و"قواعد تدبير العقل" و"المقال في المنهج" لديكارت، و"البحث عن الحقيقة" لمالبرانش، وكلها كتب تريد الاستغناء عن منطق أرسطو وإقامة المنهج العلمي؛ غير أن سبينوزا ترك الرسالة ناقصة، فنشرت كما هي بعد وفاته. وكان الجدل شديدًا حول مسائل الوحي والنبوءة والمعجزات وحرية الاعتقاد، فدون في ذلك "الرسالة اللاهوتية السياسية" نشرت سنة ١٦٧٠ غفلًا من اسم المؤلف، فعدت خلاصة الكفر. وكان أثناء تلك السنين يعمل في كتابه الأكبر "الأخلاق" ويوالي تنقيحه وتفصيله، ويطلع أخصاءه على ما ينجز منه، فيتدارسونه ويكتبون إليه فيما يصادفون من مشكلات. وكان قد حظر عليهم إطلاع أي إنسان على ما لديهم منه قبل الاستيثاق من خلقه، ورفض الإذن لأحدهم بإطلاع ليبنتز ثم أطلعه هو على الكتاب بعد أن توثقت الصلة بينهما. وهَمَّ غير مرة بنشره، فكان يحجم خشية الفتنة، فلم ينشر الكتاب إلا بعد وفاته. وفي أواخر حياته " ١٦٧٥ - ١٦٧٧ " دون "الرسالة السياسية" ولم يتمها، فنشرت كما هي بعد وفاته كذلك.
ج- يتم عرض مذهبه بتلخيص ثلاثة من كتبه وهي: إصلاح العقل؛ والأخلاق، والرسالة اللاهوتية السياسية. وأصحها كتاب الأخلاق، فإنه جامع يلخص الكتب السابقة ويكملها. وقد نهج فيه المنهج الهندسي، وهو المنهج اللائق بمذهب وحدة الوجود الذي ينزل من الواحد إلى الكثير. والكتاب مقسم إلى خمس مقالات: الأولى في الله؛ والثانية في النفس، طبيعتها وأصلها؛ والثالثة في الانفعالات أصلها وطبيعتها؛ والرابعة في عبودية الإنسان أو في قوة الانفعالات؛ والخامسة في قوة العقل أو في حرية الإنسان. فالأخلاق موضوع المقالتين الأخيرتين، ولكن سبينوزا أطلق هذا الاسم على الكتاب كله لأن غاية النظر عنده العمل، ولأن