للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفحص عن مختلف معاني النص الواحد, وثانيًا جمع العبارات في أقسام رئيسية وقيد العبارات المبهمة أو المتعارضة؛ فمثلًا قول موسى: إن الله نار، أو إن الله غيور، هو من العبارات الواضحة طالما اعتبرنا معاني الألفاظ فحسب، وإذن نضعها ضمن العبارات الواضحة ولو أنها جد غامضة بالإضافة إلى العقل والحقيقة، فإنه يجب استبقاء المعنى الحرفي ولو كان معارضًا للعقل ما دام لا يتعارض صراحة مع مبادئ الكتاب؛ وعلى العكس يجب تأويل العبارات التي يعارض معناها الحرفي مبادئ الكتاب تأويلًا مجازيًّا ولو كانت مطابقة للعقل؛ وثالثًا إحصاء جميع الظروف المتواترة، مثل سيرة النبي وأخلاقه وغرضه والمناسبة التي كتب لها وزمن الكتابة, ولمن كتب وتاريخ كتابه وكيف جمع في الأصل, وفي أي الأيدي وقع ومختلف الروايات لعباراته ... إلخ.

ج- أما الاجتماع فالرأي فيه كما يلي: في الإنسان شهوة وعقل, وليس الناس معينين جميعًا من قبل الطبيعة لأن يسيروا طبقًا لقوانين العقل، فهم يولدون جهلاء ويقضون الشطر الأكبر من الحياة قبل أن يدركوا الفضيلة ويكتسبوها فما دمنا نعتبر الناس عائشين في حال الطبيعة فحسب، فلكل منهم مطلق الحق في اتباع الشهوة واصطناع القوة أو اتباع العقل، إذ إن كل ما يفعله الموجود تبعًا لقوانين الطبيعة فهو يفعله بحق مطلق، فالسمك معين بالطبيعة للسباحة، وكبيره معين بالطبيعة لالتهام صغيره. على أن من الحق أن الأنفع للناس أن يعيشوا طبقًا لقوانين العقل, وليس من إنسان إلا ويريد أن يعيش آمنًا من الخوف، وهذا مستحيل ما دام لكل أن يعمل ما يروقه, وإذا لم يتعاون الناس كانت حياتهم بائسة. لهذه الأسباب تاقوا للاتحاد، ونزل كل إلى الجماعة عما له من حق طبيعي على جميع الأشياء، فصار للسلطة العليا الحق المطلق في الأمر بكل ما تريد، وصارت الطاعة واجبة بحكم الميثاق المعقود وبحكم العقل الذي يرى في الطاعة أهون الضررين. وبذا تنشأ "العدالة" أي: علاقة خارجية بين السلطة والشعب يمثلها القانون الذي يأمر بأفعال معينة ويحظر أفعالا معينة.

على أنه لا تجب الطاعة إلا للقانون النافع، إذ كان أساس الاتحاد المنفعة العامة, فللشعب أن يقدر الأوامر والنواهي، وأن ينقد السلطة، بل أن يثور عليها, وهذا فارق مهم بين سبينوزا وبين هوبس. وثمة فارق آخر هو أن هوبس يدعو

<<  <   >  >>