للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخير الآخرين وكمالهم وأحببناهم، إذ إن المحبة هي الاغتباط بسعادة الغير. وتجد المحبة موضوعها الاقصى في الله الموجود الفائق الكمال، فهو خيرنا وكمالنا، وباغتباطنا بكماله نكمل نفوسنا, وهذه ماهية الدين الطبيعي.

ب- أما الأديان الوضعية فتقليد للتقوى الحقة مفيد للجمهور, طقوسها تقليد للأفعال الفاضلة، وعقائدها ظل الحقيقة. وبالرغم من هذا النقص، هي ممدوحة إذا عاونت على الارتفاع من الحياة الحسية إلى الحياة الروحية، ومذمومة إذا صرفت عن هذه الغاية. ومن هذه الوجهة خير الديانات الوضعية هي المسيحية، وليس بصحيح أن عقائدها معارضة للعقل.

ج- بهذه الآراء يتابع ليبنتز العقلية الحديثة ولا يزيد عليها شيئًَا, ولكنه يعد زعيمًا اتصل أثره إلى اليوم في نواحٍ أخرى؛ فهو قد بين المذهب العقلي تبيينًا منطقيًّا ومضى معه إلى نتائجه المحتومة، وأهمها نظريته في الحرية، فكان أشد استمساكًا من ديكارت بمبدئهما المشترك وأدق تطبيقًا له؛ وهو أعظم مؤسسي المنطق الرياضي الذي تقدم في عصرنا تقدمًا كبيرًا؛ وهو مؤسس الروحية التصورية على نحو أكثر جرأة ووضوحًا من مالبرانش؛ وإلى فلسفته ترجع النظرية الفيزيقية العصرية المسماة دينامزم، أي: نظرية الطاقة، والتي ترد الأجسام إلى "مراكز قوة" أو كهرباء.

<<  <   >  >>