قانون تقسيم العمل بحسب الكفايات وقانون العرض والطلب يفعلان فعلهما، رأينا منفعة المنتج ومنفعة المستهلك تتطابقان. فيضع سميث هذه القاعدة:"كل إنسان، طالما لم يخالف قانون العدالة، فهو حر كل الحرية في اتباع الطريق الذي تدله عليه منفعة". ولكنه يعني بالعدالة معنًى غريبًا، فيحلل المنافسة التجارية بجميع وسائلها، ولا يقر للعامل بحد أدنى من الأجر بل يدعه تحت رحمة صاحب العمل, كأنه لم يشد بالعطف، وكأن ليس من شأن العطف التخفيف من وطأة قانون العرض والطلب. ولا يريد سميث أن تتدخل الحكومة لحماية الضعفاء أو لصيانة الأخلاق العامة، بل يقصر وظيفتها على منع العنف وإقرار الأمن. وقد ظن أن ليس يوجد وسط بين ما يخافه من استبداد الحكومة وبين ما يراه من إطلاق الحرية، هو تدخل الحكومة في حدود معقولة. وقد ساد العمل بهذا المذهب الحري زمنًا طويلًا فأدى إلى استبداد أقلية من الماليين بجمهور العمال، وإلى نشأة الأحزاب الاشتراكية تدافع عن العمال وتحاول تحقيق العدالة الاجتماعية، ثم إلى الشيوعية التي تقيم نظام الثروة العامة على تدخل الحكومة ولا تدع للأفراد شيئًا من الحرية. ونحن نشهد الآن إفلاس المذهب الحري، وميل الحكومات جميعًا إلى تنظيم الإنتاج والاستهلاك لضمان حياة محتملة للسواد الأعظم.