ب- في "نظرية العواطف الأخلاقية" يرى آدم سميث هو أيضًا استحالة تعيين الفضيلة في كل حالة جزئية بناء على قوانين ثابتة، ويرجع هذا التعيين إلى "العطف" أو التعاطف أي: انفعالنا بعواطف الغير، ويستخرج قانون السيرة من قوانين العطف، فيلاحظ أن انفعالات الغير تنتقل إلينا بالعدوى، فلا نراهم يألمون أو يضحكون أو يغضبون إلا ونشاطرهم شعورهم, ذلك ميل طبيعي غير إرادي يحسه أشد الناس أنانية. وهكذا تجعلنا الطبيعة متضامنين جميعًا، نسر أو نحزن لما يصيب الغير. وقد ربطت الطبيعة بالعطف لذة كي يطلب لذاته, وهذا يكفي أساسًا للأخلاق؛ لأن العطف يتجه بالطبع إلى الخير. مثال ذلك: أن غضب الرجل العنيف أقل تأثيرًا فينا من حلم خصمه، وأننا نتأثر بالغضب للحق والعدل أكثر من تأثرنا باستكانة المسيء. فقوانين العطف وقوانين الأخلاق متطابقة، بحيث نستطيع أن نضع هذه القاعدة:"لا تفعل إلا ما شأنه أن يحوز رضا إخوانك في الإنسانية ويكسبك عطفهم" إذ إن خيرية الفعل تقاس بما يثيره من عطف خالص شامل في الحاضر والمستقبل. ومن هذه القاعدة تنشأ جميع المعاني الأخلاقية من مدح وذم وندم وواجب؛ فكما أننا نحكم على الآخرين، يحكم الآخرون علينا، فنعتاد النظر إلى أفعالنا مما ينظرون إليها أي: بدون تحيز، حتى إننا قد نخالف قومنا ونخرج على بعض التقاليد المرعية بينهم فنتعرض للوم والمذمة، ونحن واثقون أن الخلف ينصفنا، وأن قاعدة العطف تتحقق هنا أيضًا من حيث إننا شهود أفعالنا نغتبط بها أو نألم لها تمشيًا مع تلك العاطفة الباطنة. وعلى ذلك ليس الحس الخلقي غريزة كاملة منذ البداية، ولكنه يتكون ويترقى بالعقل والتجربة؛ وما يسمى بالواجب صادر عن العطف وراجع إليه، بمعنى أن العمل بمقتضى الواجب يقوم في أن ينصب كل منا نفسه شاهدًا عدلًا على نفسه فيقدر أفعاله بما يشعر به من عطف نزيه كالذي يشعر به الآخرون لو علموا بها.
ج- وفي كتاب "ثروة الأمم" يقصد إلى أن يكفى الناس شر تدخل الحكومة وتعسفها، فيبين أن للثروة مصدرين هما العمل والادخار، وأنهما لا ينموان إلا حيث يترك "روح الصناعة" حرا من كل قيد، وأن قانون المنفعة كفيل بتنظيم الشئون الاجتماعية، بحيث إذا كفت الحكومة عن التدخل وتركت