المعرفة الإنسانية، حيث يفحص عن أهم أسباب الخطأ والصعوبة في العلوم، وأسس الشك والكفر بالله والإلحاد" وهو الكتاب المشتمل على مذهبه اللامادي، وكان باركلي قد اكتشف هذا المذهب وهو في العشرين، فهو يعد من أكثر الفلاسفة تبكيرًا في بناء مذهبهم. وقد سجل مرحل تفكيره في "مذكرات" دونها بين سنتي ١٧٠٢ و ١٧١٠، وذكر فيها مشروع المقدمة والمقالة الأولى "وهما ما نشر" ومشروع مقالة ثانية في تطبيق المذهب على علمي الهندسة والطبيعة، ومشروع مقالة ثالثة في الأخلاق. فأثار كتاب "المبادئ" دهشة شديدة لإنكاره وجود الأجسام، حتى ظن بعضهم بالمؤلف مسًّا في عقله. وفي سنة ١٧١٣ قصد المؤلف إلى لندن داعيًا إلى مذهبه، وتعرف إلى مشاهير الكتاب، ونشر "ثلاث محاورات بين هيلاس وفيلونوس" هي عرض أدبي للامادية؛ أما هيلاس فهو الفيلسوف المادي كما يدل عليه اسمه المشتق من هيلي أي: هيولي، وأما فيلونوس فهو "صديق العقل" الناطق بلسان المؤلف، وينتهي الحوار بإقناع هيلاس باللامادية طبعًا!
ج- وعرض له ما دفعه إلى السفر، فقضى عشرة أشهر في فرنسا وإيطاليا " ١٧١٣ , ١٧١٤ " ثم عاد إلى إنجلترا. وبعد سنتين رحل إلى إيطاليا وأقام فيها خمس سنين كان أكثر اهتمامه أثناءها بالجيولوجيا والجغرافيا والآثار. وفي عودته " ١٧٢١ " توقف بمدينة ليون ليكتب في "علة الحركة" وهو موضوع اقترحته أكاديمية العلوم بباريس، فوضع رسالة "في الحركة" هاجم فيها طبيعيات نيوتن، ونشرها بلندن حال عودته إليها " ١٧٢١ " وهي بمثابة المقالة الثانية من كتاب المبادئ. ولكن سفرًا طويلًا كان ينتظر باركلي, ذلك أن إرثًا آل إليه سنة ١٧٢٣ فخطر له على الفور أن ينفقه في نشر المسيحية في الممتلكات الإنجليزية بأمريكا، واعتزم أن يؤسس لهذا الغرض في جزر برمودا معهدا لتخريج مبشرين يضطلعون بهذه المهمة, بل يصلحون العالم أجمع! ووعده رئيس الوزارة بمعونة مالية، فتزوج وأبحر سنة ١٧٢٨ حاملًا معه عشرين ألف مجلد. ونزل "رود أيلاند" ومكث بها سنتين ينتظر المال، وفترت حماسته للمشروع، وأبلغ أن رئيس الوزارة يرى أن يعود إلى وطنه, ففعل سنة ١٧٣٢. على أنه لم يضيع وقته هناك، فقد درس أفلاطون وأفلوطين