والعاطفة كما يقول. فعنده أن الحكم الخلقي ينشأ حين نتصور فعلًا ما بجميع علاقاته, فتقوم فينا عاطفة إقرار أو إنكار. فنقول عن الفعل: إنه خير أو شر لا لكونه كذلك في ذاته بل لنوع تأثرنا به. وليس يصدر الإقرار أو الإنكار عن الأنانية، بدليل أننا نقر أفعالًا لا تفيدنا شخصيا، أو ننكر أفعالا مفيدة لشخصنا. الواقع أن الذي يصدر أحكامًا أخلاقية ينزل عن وجهته الخاصة ويتخذ وجهة مشتركة بينه وبين الآخرين، فتجيء أحكامه كلية. فأساس الأخلاق التعاطف، أو عاطفة الزمالة، أو "الإنسانية" التي تحملنا على محبة الخير للناس جميعًا. وإذا كانت الميول الغيرية أرفع من الميول الأنانية، وكانت هذه مذمومة وتلك ممدوحة، فليس يرجع ذلك إلى طبيعتها، بل إلى عموم منفعتها. ولما كانت الأخلاق صادرة عن الغريزة، كانت أصولها واحدة عند الجميع، ورجعت الاختلافات إلى اختلاف الظروف. فالمحبة الأبوية مثلًا غريزة عامة، وقتل الأطفال مظهر من مظاهرها في بلد جد فقير.