بساطتها ليس غير؟ فيصرح أحدهم، هنري بوانكاري، بأن هاتين القضيتين:"الأرض تدور" و"افترض دوران الأرض أكثر نفعًا في العلم" هما معنى واحد بعينه، وليس يوجد في إحداهما أكثر مما يوجد في الأخرى ١.
ووبعد, فأهمية جليليو في تاريخ الفلسفة ترجع إلى نقطتين: إحداهما المنهج العلمي، والأخرى بناء النظرية الآلية. فمن الناحية الأولى نجده يقول عن المنطق الصوري: إنه مفيد في تنظيم التفكير وتصحيحه، ولكنه قاصر عن استكشاف حقائق جديدة وليس يحصل الاستكشاف باستقراء جميع الحالات الممكنة، فإن مثل هذا الاستقراء مستحيل، وإنما يحصل الاستكشاف باستخلاص فرض من تجارب معدودة "وهذه مرحلة تحليلية" ومحاولة تركيب قياس يبين أن ذلك الفرض مطابق لتجارب أخرى "وهذه مرحلة تركيبية" بحيث يتكامل التحليل والتركيب ويتساندان. وهذا يعني أن المنهج العلمي هو الاستقراء الناقص مؤيدًا بالقياس, والاستقراء ممكن حتى ولو لم نستطع أن نجد أو نوجد في الطبيعة الفرض الذي نستخلصه. مثال ذلك، نفترض أن الأجسام تسقط في الخلاء بنفس السرعة، ولكننا لا نستطيع تحقيق الخلاء المطلق، فنستعيض عنه بالنظر إلى ما يحدث في أوساط يتفاوت هواؤها كثافة، فإذا رأينا السرعات تتقارب كلما تخلخل الهواء، حكمنا بأن الدليل قد قام على صحة الفرض.
ز- ومن ناحية النظرية الآلية, يقول جليليو: إن هذه النظرية أقرب إلى مبدأ البساطة الذي قال به كوبرنك. فالعلم مادة وحركة, أما الحركة فخاضعة لقانون القصور الذاتي، وكان كبلر قال: إن الجسم لا ينتقل بذاته من السكون إلى الحركة، وقال جليليو: إن الجسم لا يغير اتجاه حركته بذاته، أو ينتقل بذاته من الحركة إلى السكون, وبين بالتجربة أن الحركة تستمر بنفس السرعة كلما أزلنا العوائق الخارجية، فمتى وجدت الحركة استمرت دون افتقار إلى علة. وأما المادة فمجرد امتداد، ويقول جليليو: إنه لم يستطع قط أن يفهم إمكان تحول الجواهر بعضها إلى بعض، أو طروء كيفيات عليها، كما يذهب إليه أرسطو؛ ويرتئي أن كل تحول فهو نتيجة تغير في ترتيب أجزاء الجسم بعضها بالنسبة إلى بعض، وهكذا لا يخلق شيء ولا يندثر شيء، فالتغيرات الكيفية عبارة عن تغيرات كمية
١ Henri poincare, La science et pnypo hese,p." ٤ ".