للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موضوعات الحدس، فهما يؤلفان مقولات الحركة أو التغير أو العلم الطبيعي.

٣ - القسمة الثلاثية في كل قسم، مع أن مبدأ عدم التناقض يقتضي القسمة الثنائية؛ ذلك لأن الملحوظ هنا هو الوجود، وفي الوجود لا يرتفع الضدان كما يرتفعان في المنطق الصرف، إذ إنه متى تعارضت قوتان حدثت ظاهرة هي صورة أخرى لكمية القوة. ٤ - مقولات الإضافة تعبر عن علاقة الشيء بالكيفية، وهذه العلاقة إما أن تكون بين جوهر وعرض، فيكون الحكم حمليًّا، أو بين مبدأ ونتيجة، أو علة ومعلول، فيكون الحكم شرطيًّا متصلًا, أو بين الجنس وأنواعه، فيكون الحكم شرطيًّا منفصلًا. ٥ - لما كان كل حكم تعبيرًا عن نسبة، كانت الإضافة المقولة الكبرى الشاملة لسائر المقولات.

د- وقد نزيد المسألة إيضاحًا بالمقارنة بين موقف كنط وموقف أرسطو:

١ - يقول كنط: إن القصد الأول واحد عنده وعند أرسطو، وهو وضع جدول شامل للأحكام. غير أن أرسطو وضع جدول الأجناس العليا التي تندرج تحتها جميع الموضوعات والمحمولات، ووضع كنط جدول الوظائف المنطقية أو الروابط أو النسب بين الموضوعات والمحمولات. فأرسطو وجودي يرتب الأشياء وخصائصها، وكنط ذاتي يرتب وظائف العقل. ٢ - يأخذ كنط على أرسطو أنه جمع مقولاته جمعًا تجريبيًّا بتحليل الكلام الإنساني. وقد يكون هذا صحيحًا ولا يقدح في المقولات أنفسها، ولا يمنع من إمكان ترتيبها ترتيبًا منطقيًّا جامعًا مانعًا، كما ذكرنا بهذا الصدد في كتابنا "تاريخ الفلسفة اليونانية". وكنط نفسه لم يستنبط مقولاته استنباطا حقا، ولكنه استخرجها من جدول الأحكام كما تلقاه عن المنطق القديم. ٣ - ويأخذ كنط على أرسطو أيضًا أن مقولاته ليست متجانسة؛ فمقولات الزمان والمكان والوضع ترجع إلى التصور الحسي لا إلى العقل. ولكن هذا لا يعد مأخذًا إلا بناء على مذهب كنط الذي يفصل بين الحس والعقل، أما عند أرسطو فاللفظ في الحكم معنى مجرد من المحسوس، فالمقولات كلها معقولة مهما يكن من أصلها الحسي.

٤ - ويأخذ كنط على أرسطو أيضًا أن ليس لنظريته خاصية معينة, فهي نفسية ومنطقية لأن المقولات فيها أنحاء الحكم والتعبير, وهي ميتافيزيقية لأن المقولات فيها منصبة على الوجود. ولسنا ندري ما يمنع أن يكون للنظرية خصائص ثلاث من ثلاث وجهات، والفكر والوجود متطابقان في فلسفة أرسطو؟ بل ليس

<<  <   >  >>