لنظرية كنط خاصية معينة, فقد وضع في جدوله الحكم الشخصي لأنه رأى أن هناك فرقًا من حيث الوجود، بين اعتبار الفرد واعتبار البعض واعتبار الكل، مع أن الموضوع الشخصي معادل للموضوع الكلي في المنطق الصوري؛ لأنه مأخوذ مثله بكل ما صدقه, فهل النظرية منطقية أو ميتافيزيقية؟ كذلك وضع في جدوله الحكم المعدول، مع أن هذا الحكم موجب منطقيًّا فلم يكن هناك داعٍ لتخصيصه بالذكر، إلا أن يكون الملحوظ فيه نوع العلاقة بين المحمول والموضوع، فيكون كنط نظر هنا أيضًا إلى الوجود وهو يضع جدولًا منطقيًّا صرفًا. ثم إن مقولات الجهة ليست صادرة عن نفس المبدأ الصادرة عنه سائر المقولات, فإن هذه تدل "أو تريد أن تدل" على أنحاء ارتباط المحمولات بالموضوعات، وتلك تريد أن تبين نوع وجود المحمولات للموضوعات، فهي مأخوذة من اعتبار الوجود لا من اعتبار الوظيفة المنطقية فحسب، أي: إنها ثلاثة مواقف للعقل بإزاء الحكم، لا ثلاث مقولات. ٥ - ويظهر التعمل في جدول كنط من أنه أثبت مقولات لكي تتم له القسمة الثلاثية ليس غير, فإن التفاعل نوع من الفعل وداخل في مقولة العلية؛ والمقولة الثانية من مقولات الجهة "وجود, لاوجود" تشبه المقولة الأولى من مقولات الكيفية من جهة حدها الأول، وتشبه المقولة الثانية من جهة حدها الثاني، فإن الوجود يعادل الإيجاب، واللاوجود يعادل السلب؛ بينما مقولات أرسطو متمايزة معينة.
هـ- أما استنباط المقولات أو التدليل على موضوعيتها، فيتبين على هذا النحو: بالمقولات نوحد بين الظواهر، إذ نثبت بها بين الظواهر علاقات كلية ضرورية, وهذه العلاقات تجعل من الظواهر "موضوعات" بالإضافة إلينا، أي: أشياء نعتبرها موجودة وذات قيمة مستقلة عن وجودنا الشخصي. وليس يمكن هذا إلا إذا كانت الظواهر منطوية في وجدان واحد بعينه "وجدان ذاتي" يظل هو هو ويوحد بينها، على حين أن الوجدان التجريبي أو الحس الباطن يتغير باستمرار. هذا التوحيد هو الفعل الجوهري للفكر، وهذا الفعل مصحوب بشعور عقلي "ذاتي" خالص من كل موضوع يترجم بأنا أفكر. وإذن, ففي أصل الفكر توجد الوحدة الضرورية للإدراك، وهي الأنا الخالص، الأنا أفكر، الذي هو عين الفهم، والفهم قوة تلقائية وظيفتها الحكم أي: الربط بين الظواهر. "الأنا