هي التي تعتبر عند النطق التفسير الوافي للمركب. ومن حيث الإضافة، نجد أن من بين مقولاتها مقولة العلية وحدها تتضمن علاقة تتالٍ بين حدود، والنطق يطلب علة أولى كشرط مطلق لسلسلة العلل في العالم، ولا تكون العلة أولى، أي: خارجة عن سلسلة العلل الطبيعية، إلا إذا كانت حرة. ومن حيث الجهة، نجد أن من بين مقولاته اثنتين فقط يمكن أن يؤلفا سلسلة، هما مقولتا الضرورة والحدوث، والنطق يسعى إلى إقامة الحادث على الضروري باعتبار الضروري الشرط المطلق لجملة الموجودات.
ب- فالنطق يعتبر هذه القضايا الأربع موضوعية، بدل أن يعتبرها مجرد تركيب منه، ويسخر الفهم للتدليل عليها، أي: لإبطال التسلسل إلى ما لا نهاية في تلك المواضع الأربعة. ولكن الفهم يدلل أيضًا على نقائض هذه القضايا؛ لأنه بذاته لا يملك إلا أن يرد ظاهرة مشروطة إلى ظاهرة مشروطة، وهكذا إلى غير نهاية، بحيث تبدو القضايا ونقائضها لازمة على السواء، فنقع في تناقض كما يتبين من الجدول الآتي:
نقائض النطق الخالص
للعالم بداية في الزمان، وهو محدود في المكان.
كل جوهر مركب فهو مركب من أجزاء بسيطة، وليس يوجد في العالم شيء إلا وهو بسيط أو مركب من أجزاء بسيطة.
العلية الطبيعية ليست العلية الوحيدة التي ترجع إليها جميع ظواهر العالم، بل من الضروري التسليم أيضًا بعلية حرة لتفسير هذه الظواهر.
العالم المحسوس يتعلق بموجود ضروري سوء أكان جزءًا منه أو كان علة مفارقة له.
ليس للعالم بداية ولا حد، ولكنه لامتناهٍ من حيث المكان والزمان.
لا شيء مركبا في العالم مركب من أجزاء بسيطة، وليس يوجد في العالم شيء بسيط.
ليس هناك حرية، ولكن كل شيء في العالم يحدث بموجب قوانين طبيعية.
ليس يوجد موجود ضروري سواء في العالم, أو خارج العالم باعتباره علته.
فالفهم والنطق متعارضان، وهما مع ذلك يؤلفان عقلنا. ويبدو هذا التعارض واضحًا في القياس التالي:"حين يوجد المشروط توجد سلسلة شروطه بأكملها؛ والمشروط موجود؛ وإذن فسلسلة شروطه موجودة". هذا القياس غلط؛ لأنه يحتوي