على أربعة حدود: ففي المقدمة الكبرى, الموضوع أي "المشروط" مأخوذ باعتباره موضوعًا معقولًا مستقلًّا عن شروط الحساسية أو الحدس، وهذا هو الحال في القضايا جميعًا، وفي المقدمة الصغرى "المشروط" مأخوذ طبعًا باعتباره العالم الظاهري الماثل في حسنا، وهذا هو الحال في نقائض القضايا. فبأي حق نستدل بحد أوسط ذي معنيين, وننتقل من الظاهرة إلى الشي بالذات؟
ج- ونحن نلاحظ أولًا أنه ما دام الغلط ناشئًا من التردد بين معنيين، فليس يصح القول: إن العقل متناقض مع نفسه, إلا بمعنى للعقل واسع يشمل الفهم والنطق، وهو المعنى الذي أراده كنط بعنوان كتابه. فيبقى مبدأ عدم التناقض مصونًا؛ لأن التعارض ههنا واقع بين قوتين مختلفتين لكل منهما وجهة خاصة، ومن شروط التناقض أن يكون الموضوع في المقدمتين واحدًا بعينه. ونلاحظ ثانيًا أن كنط يلزمنا مذهبه, ويريدنا على أن نؤمن معه بقوتين عقليتين متعارضتين ونستدل كاستدلاله. ولكننا نؤمن بعقل واحد ينظر إلى الأشياء نظرة واحدة، وإذا حكمناه في القضايا ونقائضها وجدناه يحكم بأن في كل تقابل إحدى القضيتين صادقة والأخرى كاذبة، فيرتفع التناقض بالفعل. وها نحن أولاء نورد استدلالات كنط ونعقب عليها بإحقاق قضية, وإبطال أخرى.
د- التناقض الأول: القضية: "للعالم بداية في الزمان، وهو متناهٍ أو محدود في المكان". دليل الشق الأول أنه إذا لم يكن للعالم بداية كانت كل لحظة مسبوقة بزمان غير متناهٍ، وهذا خلف لأن معنى اللانهاية في الزمان أن هناك سلسلة لا تتم أبدًا. ودليل الشق الثاني أنه لو كان العالم لامتناهيًا في المكان لاقتضت الإحاطة به جمع وحداته على التوالي في زمان غير متناهٍ، ولا يمكن عبور الزمان اللامتناهي كما تقدم. نقيض القضية:"ليس للعالم بداية ولا حد، ولكنه لامتناه من حيث الزمان والمكان". دليل الشق الأول أنه لو كان للعالم بداية لكان تقدمها زمان متجانس، وفي مثل هذا الزمان تتساوى الآنات في عدم احتوائها ما يرجح وجود العالم على عدم وجوده، فلم يكن العالم ليوجد أبدًا. ودليل الشق الثاني أنه لو كان للعالم حد لكان هذا الحد خلاء أي: لا شيئًا ولا حدًّا، فلم يكن العالم محدودًا. ونحن نسلم القضية، مع تحفظ على الشق الأول وهو أنه لا يقام على هذا الشق برهان ضروري، كما بينا ذلك في الرد على قول أرسطو بقدم العالم، وفي