ج- ماهية الدين إذن أن يؤمن الإنسان بالنظام الخلقي، ويعتبره مصدر واجباته، ويعاون على نموه. ولا بأس في أن يشخص شعوره بهذا النظام في موجود معين، إذا كان الغرض تقوية هذا الشعور في ضميره. أما إذا تصور الله سلطانًا حاكمًا بأمره، وانتظر من جوده لذات مقبلة، كان عابد صنم، وكان جديرًا بأن يدعى ملحدًا. لا يوجد الشخص بدون موضوع يحده ولو كان هو ذلك الموضوع، ولا يتصور الله موجودًا محدودًا، وما الأنا المطلق إلا معنى مجرد إلا إذا اعتبرناه بمعزل عن الأفراد الذين يحققونه. إن الله الحقيقي هو الله الإنسان؛ وإن الله هو النظام الخلقي، والحرية التي تتحقق في العالم بالتدريج.
د- ولا نظننا بحاجة إلى التنبيه على ما في هذا المذهب من تناقض أساسي، فمن المعلوم أن كل ما خلا الأنا فهو من خلق الأنا الخالص، وإنما يخلق الأنا الخالص لكي يتحقق، فهو ينقسم إلى كثرة من الأناوات التجريبية، ويتحقق فيما يقوم بينها من علاقات أخلاقية؛ فما هذا الأنا الذي يضع اللاأنا ليحد به ذاته، ويفرضه على نفسه ليقاومه ويحاول التغلب عليه ويمحوه، فيحقق ماهيته التي هي الحرية؟ أوهام في أوهام وأضغاث أحلام دونها حرب دون كيشوت لطواحين الهواء. وسوف يتولى شلنج لفت نظر أستاذه إلى هذا التناقض الصارخ.