للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- المعاني المتناقضة هي بنوع خاص: معاني المادة والزمان والحركة والجوهر والعرض والعلة. فالمادة والزمان يشتركان في كونهما "وحدة متكثرة" من حيث إنهما قابلان للقسمة، وهذا أصل المتناقضات الواردة عند زينون وكنط. والحركة جمع بين الوجود واللاوجود. والجوهر عبارة عن شيء واحد بعينه هو في الوقت نفسه كثير بما يضاف إليه من أعراض أو قوى. والعلة إذا كانت خارجية كان معناها أن الشيء المتغير بها هو كما كان من قبل "ما دام هو هو" وليس كما كان من قبل "ما دام معتبرًا, قد تغير"؛ وإذا كانت داخلية كالفعل الإرادي، كان معناها أن موجودًا واحدًا بعينه فاعل ومنفعل في آن واحد، أي: إنه مزدوج وليس واحدًا.

ج- لأجل رفع التناقض يجب القول بأن ما يوجد في الخارج ليس الأشياء المحدودة البادية في الحس، وهي متكثرة كما سبق القول، بل كيفيات مقابلة للكيفيات المدركة بالحواس، كل منها بسيط مطلق في نوعه، وأن الأشياء البادية في الحس تأليفات من صنعنا، ومن ثمة ذاتية نسبية. ولا تناقض في كون الكيفيات جميعًا مطلقة، من حيث إن الموجودات الجسمية هي التي تتنافى ويحد بعضها بعضًا، وموجوداتنا غير ممتدة، مثلها مثل مونادات ليبنتز، مع هذا الفارق وهو أنها ليست مركبة من أحوال وإنما هي بسيطة كل البساطة، وليست متغيرة وإنما هي ثابتة لا تتغير. وما التغير إلا تغير العلاقات المتبادلة بين الكيفيات، لا تغير الكيفيات أنفسها. وهكذا اعتقد هربارت أنه أنقذ مبدأ عدم التناقض.

١٢٧ - علم النفس:

أ- الأنا أحد تلك الموجودات البسيطة, وفعله الجوهري صيانة ذاته ومدافعة الآخرين. وتعدد ظواهرنا الشعورية نتيجة هذه المدافعة، فما الظاهرة الشعورية إلا مجهود النفس في سبيل البقاء، وما الفكر إلا جملة علاقات الأنا بسائر الموجودات، والظواهر الشعورية تروح وتجيء، وتشتد وتضعف، فلها إذن وجه كم، ويمكن دراستها بتطبيق الرياضيات. لم يلج علماء النفس هذا الطريق للآن بسبب شدة تغير هذه الظواهر حتى لتبدو متأبية على القياس. ولكن حساب النهايات الصغرى يطبق العدد على عين الحركة, أو التغير دون حاجة إلى تعيين

<<  <   >  >>