للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشراف، وعين عضوًا بمجلس شورى الدولة، ومديرًا لمدرسة المعلمين، ومديرًا للجامعة، وأخيرًا وزيرًا للمعارف؛ فهيمن على التعليم وبرامجه مدة طويلة. أهم كتبه: كتاب "التاريخ العام للفلسفة" وكتاب "في الحق والجمال والخير" وهو كتاب مشهور نقَّحه مرارًا.

ب- مذهبه الجديد يرمي إلى "استخلاص عقيدة النوع الإنساني" أي: استخلاص ما في كل مذهب من وجه حق؛ لذا أسماه بالتخير eclectisme فكان لتعليمه صبغة تاريخية ظاهرة، وهو الذي أدخل تاريخ الفلسفة في التعليم الجامعي بفرنسا وأثار الاهتمام بالتأليف فيه. وهو يرد المذاهب إلى أربعة كبرى: المذهب الحسي أو المادي الذي يفسر الوجود بالمادة المحسوسة تفسيرا آليا, والمذهب العقلي أو الروحي الذي يفسر الوجود تفسيرا منطقيا، ومذهب الشك الذي يقول بامتناع إدراك الحقيقة لما يرى من تناقض المذهبين السابقين، والمذهب الصوفي الذي يحسم الشك بالإيمان الديني ويطلب الحقيقة خارج الإنسان. ويتألف تاريخ الفلسفة من هذه المراحل تتعاقب على هذا الترتيب في أدوار مختلفة. ولكن واحدًا من هذه المذاهب ليس حقًّا بالإطلاق ولا باطلًا بالإطلاق، والفلسفة الكاملة تجمع بين عناصرها المتلائمة فتسقط عناصرها الباطلة، وهذا تعريف التخير ومنهجه. فإذا طبقناه وجدنا المذهب الحسي صادقًا في قوله بالمادة، مخطئًا في إنكار الروح والمعاني العقلية التي يشترك فيها كل الناس, ويرجعون إليها دائمًا بالطبع, فيجب الجمع بين المذهبين الحسي والعقلي، وبذا يتبدد الشك ونستغني عن المذهب الصوفي، إذ لا حقيقة للوحي، وكل الحقيقة قائمة في الفلسفة التي هي غاية نمو العقل الإنساني.

ج- وقوام مذهبه الجديد وحدة الوجود حيث تتلاءم الأضداد. إن الحقائق المطلقة التي نجدها في عقلنا تتطلب عقلًا مطلقًا، وبذا يقوم الدليل على وجود الله "على طريقة القديس أوغسطين" وبذا يحتفظ كوزان بالمنهج الفرنسي الذي يذهب من علم النفس إلى الميتافيزيقا، وينبذ قول الألمان بحدس عقلي يدرك المطلق مباشرة، وبذا نخرج من الذاتية إلى الموضوعية. ولما كان الله غير متناهٍ كان الموجود الأوحد. ولما كان الله عقلًا كان وجدانًا، والوجدان يتضمن التنوع والتباين، فالله يستخرج الكون من ذاته بتطور إرادي، كما يستخرج الإنسان

<<  <   >  >>