سياسي أكثر منه فيلسوفا، ألقى دروسًا بكلية الآداب بباريس " ١٨١١ - ١٨١٤ " عارض فيها فلسفة كوندياك بفلسفة ريد، فأدخل هذه الثانية في التعليم بفرنسا. إن "فلسفة الإحساس" تقوم على التصورية التي تركب الأشياء من الانفعالات؛ فيلزم عنها أن الأنا مجموعة إحساسات، وأن الطبيعة مجموعة كيفيات محسوسة، وأن الله مجموعة معلولات: فلا جوهر، ولا بقاء متصل في الزمان، ولا قوة فاعلية، فننتهي في الميتافيزيقا إلى الشك العدمي، وفي الأخلاق إلى الأنانية من حيث أن ليس لغيرنا "بل ولا لنا" وجود جوهري. ولكن "فلسفة الإدراك""وهي فلسفته" تقوم على وقائع أصيلة بينة بذاتها مشتركة بين جميع بني الإنسان، هي وجود الأنا كجوهر مفكر باقٍ عارف ذاته معرفة مباشرة، وعارف بقاءه بالذاكرة، وعارف عليته في الفعل الإرادي والانتباه. وبضرب من الاستقراء ننقل طبعًا إلى الأشياء الطبيعية الجوهرية والبقاء والعلية، لما نصادف منها من مقاومة، ونرى بينها من تفاعل، مع حذف ما في فاعليتنا من تفكير وإرادة. ثم نتأدى من فاعلية الأشياء إلى فاعلية الله باعتبار أن العلل الجزئية لا تتفق فيما بينها إلا بفعل علة واحدة كلية القدرة.
١٣٦ - فيكتور كوزان " ١٧٩٢ - ١٨٦٧ ":
أ- دخل مدرسة المعلمين العليا بباريس ليتخرج فيها أستاذًا للأدب، فما أن استمع فيها إلى لاروميجيير ذات يوم من سنة ١٨١٠ حتى مال إلى الفلسفة وعول على أن يخصص لها حياته. وفي السنة التالية استمع إلى روايي كولار بكلية الآداب, ثم اتصل بمين دي بيران. وفي ١٨١٤ عين أستاذًا للفلسفة بمدرسة المعلمين؛ وفي ١٨١٥ ندبه روايي كولار ليحل محله بكلية الآداب, فكان محاضرًا بارعًا وفيلسوفًا سطحيًّا. وهكذا كان شأن أستاذيه وشأن مريديه وتلاميذه. وفي هذه الفترة كان على رأي أساتذته الفرنسيين يجمع إليهم ريد وأتباعه من الأسكتلنديين ورحل إلى ألمانيا ثلاث مرات " ١٨١٧، ١٨١٨، ١٨٢٤ " والتقى بشلنج وهجل وأخذ عنهما، فكان له مذهب جديد. ورقي إلى مرتبة