الحق, ولم يترك هذا الأمر للعقول الفردية؛ فلا عجب أن نرى الكنيسة تعلن أنها مكلفة من قبل الله بالمحافظة على الوحي. تعاليمها قوية سامية، وهي تستند إلى نبوءات تحققت ومعجزات لا سبيل إلى الشك فيها. فهي "ليست مذهبًا معروضًا علينا، ولكنها شريعة يجب أن تخضع لها قلوبنا".
ج- لم ترضَ الكنيسة عن هذا الكتاب وهي تعلم أن للعقل القدرة على إدراك الحقائق الطبيعية، وأن وجود الله حقيقة طبيعية يبرهن عليها العقل ولا يقنع بقبولها من المجتمع. ومن سخريات الدهر أن لامني بعد أن دافع عن الدين والكنيسة هذا الدفاع الحار، وبعد أن نقل من اللاتينية كتاب "التشبه بالمسيح" وعلق على فصوله بفصول قد تضارعها قوة وجمالا، ذهب في علاقة الكنيسة والدولة وفي السياسة إلى آراء أنكرتها الكنيسة, فتمرد على حكمها وآثر عقله الفردي حتى ابتدع في الدين ودوّن "رسم فلسفة"" ١٨٤١ - ١٨٤٦ " يتخذ فيها عقيدة الثالوث مبدأ لنظرية في الوجود، وينبذ صراحة عقائد أخرى، كالخطيئة الأصلية والفداء والنعمة، ويصطنع ضربًا من وحدة الوجود في كلامه عن الخلق، ويصر على عصيانه إلى النهاية. ومن عجب أن هؤلاء السلفيين فاتهم الرجوع إلى الفلسفة السلفية الحقة، تلك التي كونتها الأجيال المسيحية حتى تمت على يدي القديس توما الأكويني, والتي هي أصدق نظرًا في الدين والعقل جميعًا.