للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفعل فيميل بالمرء إلى اتباع القوانين التي يراها المشرع نافعة لأكبر عدد، كما أن المكافأة وإقرار المواطنين وثناءهم تحمل على ذلك أيضًا مع ما فيه من حرمان, وهذه العواقب هامة جدًّا يجب على الفرد مراعاتها؛ لأن منفعة المجموع شاملة للمنافع الفردية ومن ثمة مقدمة عليها؛ ولذا كانت الغاية التي يتعين علينا السعي لتحقيقها هي "أكبر سعادة لأكبر عدد". وهذا هو العلم الجديد الذي يأتي به بنتام ويسميه بالحساب الخلقي لإجادة الاختيار بين اللذات، ويعتقد أنه يحول به علم الأخلاق وعلم التشريع إلى علمين مضبوطين كالرياضيات، ويعول في التوحيد بين النفع الذاتي والنفع العام على الجزاء الطبيعي للفعل والجزاء القانوني والجزاء الاجتماعي.

ج- وما هذا المذهب إلا مذهب أبيقور وهوبس ومن لف لفّهما. وقد كان أفلاطون فطن إلى حساب اللذات والآلام، ولكنه لم يعتبره حسابًا كميًّا مثل بنتام، ولم يرد الخلقية إلى النفعية مثله. إن اللذة والألم يرجعان إلى الكيف لا إلى الكم، ويستحيل قياس القيمة الذاتية للذة ما باعتبار الكم، ويستحيل الموازنة بين لذتين من نوع واحد كلذة التفاح ولذة الخوخ، ويستحيل من باب أولى الموازنة بين لذتين مختلفتين بالنوع، ولا سيما إذا كانت إحداهما حسية والأخرى عقلية أو فنية. كذلك لا يوجد قياس مشترك بين قرب المنال والنقاء، أو بين الشدة والمدة، إلى غير ذلك من خصائص اللذة التي يمتنع اجتماعها للذة بعينها، وإنما يتفق بعضها للذة وبعض آخر للذة أخرى، وهكذا بحيث تمتنع المضاهاة ويمتنع الاختيار.

١٥١ - جيمس مل " ١٧٧٣ - ١٨٣٦ ":

أ- أسكتلندي أخذ عن دوجالد ستوارت بجامعة أدنبري, ثم كان مؤدبًا في أسرة اللورد جون ستوارت, وفي الثلاثين صحبه إلى لندن وأخذ ينشر بعض الرسائل. ثم نشر تاريخ "الهند البريطانية" " ١٧١٨ " نقد فيه حكومة شركة الهند نقدًا عسيرًا. ولما خلا فيها منصب تقدم له فعين فيه للإفادة من معارفه، وترقى إلى منصب رفيع أكسبه نفوذًا كبيرًا على حكومة الهند. وعرف بنتام وشاركه في مجلته وفي نضاله الدستوري. وكان إلى جانب ذلك يواصل النظر في

<<  <   >  >>