الفلسفة حتى نشر كتابه "تحليل ظواهر الفكر الإنساني"" ١٨٢٩ " وقد عرض فيه مذهب تداعي المعاني على صورة أوضح, وبمادة أغزر مما جاء عند أراسم درون وديفيد هارتلي اللذين أوحيا به إليه.
ب- في هذا الكتاب يتصور الفكر كما يتصور الآليون الطبيعة؛ فإن هؤلاء يقولون: إن الطبيعة مؤلفة من ذرات تأتلف فتكون الأجسام، ويقول هو: إن الفكر مؤلف من عناصر بسيطة "نقط شعورية" هي الإحساسات والانفعالات الأولية تأتلف تبعًا لقانون الترابط بالتقارن, فتكون سائر الظواهر الفكرية. وقانون التقارن هو القانون الوحيد للفكر، وليس الترابط بالتشابه قانونًا أصيلًا ولكنه يرد إلى الترابط بالتقارن, فالحياة الفكرية خاضعة للآلية، وقوة الترابط تابعة بنوع خاص لقوة ما تهيجه الإحساسات من انفعالات ولتواتر الترابط. وحين يتوثق الائتلاف تتكون في الفكر التصديقات, ولهذه الذرية الفكرية تطبيقاتها في المنطق والأخلاق والتربية؛ فبالتشريع والتربية يمكن تثبيت الروابط التي يراد أن تسيطر على الإنسان؛ وبالنظر في الأخطاء المتواترة ندرك أنها ناشئة عن الترابط, فنتحرر منها ونعمل على أن نحل محلها بالترابط أيضًا آراء جديدة. وهنا يبدو قصور المذهب الحسي، فإنه يلجأ إلى الفعل الشخصي بعد استبعاده من النفس، ولا يدل على قيمة خاصة للآراء الجديدة تفضل بها الآراء القديمة ما دامت كلها وليدة الترابط، فلا يبرر مبادئ النظر وقواعد العمل.