الأنا الذي يكون موجوداتها ويدركها، فكيف تعكس الآية ويقال: إن الطبيعة تخلقه؟
ج- والله أو المطلق موجود بدليل أن الإحساس جزئي ناقص يفترض علاقة بمعرفة كلية تندرج تحتها جميع الإحساسات، وهذه المعرفة الكلية موجودة بالعقل الكلي أو الله، فالله أصل مفترض لكل معرفة. ثم إن رجوعنا إلى أنفسنا يكشف لنا عن مثل أعلى نحس أننا ملزمون بتحقيقه، والله متضمن في هذا الشعور بالمثل الأعلى، بل إن هذا الشعور هو أكثر من دليل على وجود الله، إنه حضور الله فينا "بالمعنى الذي يريده هجل، أي: إن الله يتحقق في الإنسان". أما قول هاملتون وسبنسر: إن المطلق غير معلوم فقول متناقض من حيث إن العلم بوجود المطلق إدراك لشيء عنه. فالعقل ينتهي إلى الإيمان ويتكمل به, على أن هذا الإيمان إيمان عقلي بحقائق عقلية، فلا ينبغي فهم العقائد المسيحية فهمًا حرفيًّا، بل يجب اعتبارها رموزًا لتلك الحقائق "كما بين كنط وهجل".
د- والأخلاق تصدر عن نفس المبدأ. إن الأنا الإنساني مشارك في الأنا الكلي، وتقوم الحياة الخلقية في التقدم نحو التوحيد بين الطرفين "أي: نحو تأليه الإنسان" وهذه الغاية لا تحقق بإرضاء نزعة جزئية أية كانت، بل بإرضاء طبيعتنا جمعاء. وإن الفرد ليجد في المؤسسات الاجتماعية عونًا في سبيل هذا التقدم نحو الكلي، فلا يسوغ له معارضة مؤسسة ما بخيره الذاتي "وبذا يقف جرين في صف المحافظة الاجتماعية كما وقف هجل".
هـ- وقد كان لهذه الحركة الدينية الهجلية أشياع بين اللاهوتيين والوعاظ من البروتستانت استغلوا فلسفة هجل بصور مختلفة, نذكر منهم جويت " ١٨١٧ - ١٨٩٣ " المعروف بترجمته لمحاورات أفلاطون وشرحه عليها؛ ونذكر كيرد " ١٨٢٠ - ١٨٩٨ " وأخاه " ١٨٣٥ - ١٩٠٨ ".