الفحص يفسر لنا رنان كل شيء تفسيرًا طبيعيًّا، فإن الدين عنده خرافة، أو بتعبير ألطف هو فرض مفيد يرفع النفس, وبذا يجمع رنان بين الواقعية والروحية. على أن التفسير الطبيعي ليس في رأيه رد الأحداث إلى "جدل باطن" كما يفعل الهجليون, بل ردها إلى تأثير عظماء الرجال. وقد كان يسوع واحدًا منهم، بل كان "رجلا منقطع النظير" وجد حقا "لا كما زعم شتراوس" ولكنه لم يكن على ما زعم له الحواريون.
ج- هذا الاتجاه العام في التفكير يحتمل فوارق واختلافات كثيرة تقلب بينها رنان. فكان ينكر رأيًا ثم يعود فيصطنعه ثم يعود فينكره وهكذا، ولا تعوزه الحجة في كل مرة. وهو إذ يؤرخ لابن رشد وأشياعه من الغربيين يميل ميلًا ظاهرًا إلى الآراء الإلحادية وأصحابها. وهو إذ يكتب المحاورات الفلسفية يجري قلمه بشك لطيف عابث على طريقة فولتير.
١٧٦ - إيبوليت تين " ١٨٢٨ - ١٨٩٣ ":
أ- أديب مؤرخ فيلسوف تدل عناوين كتبه على تنوع كفاياته, منها:"تاريخ الأدب الإنجليزي" في خمسة مجلدات " ١٨٥٣ "؛ و"الفلاسفة الفرنسيون الكلاسيكيون في القرن التاسع عشر" في مجلدين " ١٨٥٦ "؛ و"المثل الأعلى في الفن"" ١٨٦٧ "؛ وكتابه الفلسفي المشهور "في العقل" في مجلدين " ١٨٧٠ "؛ و"أصول فرنسا المعاصرة" في اثني عشر مجلدًا صدرت تباعًا بعد سنة ١٨٧٠؛ ينصف فيها نظام الحكم القديم ضد الثورة وميولها.
ب- في كتاب "العقل" يحذو حذو كوندياك والفلاسفة الحسيين من الإنجليز، فيصف الإحساس بأنه أولا وقبل كل شيء ظاهرة عصبية قد يطرأ عليها الشعور وقد لا يطرأ، فالشعور ظاهرة عارضة لا أصلية، والوجدان في جملته ظواهر منفصلة تربط بينها قوانين التداعي كما أن الشيء الخارجي ذرات مستقلة تجمع بينها قوانين الحركة. والإدراك الظاهري واقع على صورة باطنة لا على شيء خارجي، فهو تخييل، غير أنه "تخييل صادق" والصورة المتخيلة "تخييل كاذب". والمعنى المجرد لفظ ليس غير يذكر بالجزئيات؛ والحكم والاستدلال تركيب ألفاظ, إلى غير ذلك من الآراء التي ينقلها عن الحسيين