للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذات وجهتين: وجهة ذاتية فاعلية هي كونها فعلًا حيًّا خاصًّا بالوجدان, ووجهة موضوعية انفعالية هي ما تمثله، وبدراسة الوجهة الذاتية الفاعلية نحصل على علم النفس، وبدراسة الوجهة الموضوعية الانفعالية أو مختلف الوجهات الموضوعية نحصل على سائر العلوم. وتفسير التجربة مهمة الفهم بمعانيه؛ وتوحيد التجربة مهمة العقل بوساطة مبدأ السبب الكافي. وليس المقصود بالفهم والعقل ههنا ما عناه كنط، فإن فوندت يرفض التصورية ويقول: إن كل فكرة مشروعة هي إدراك موضوعي، لكن الفهم يركب العلوم الواقعية في حدود التجربة, وذلك بقوانينه أو مبادئه ومنها المثل الأعلى في الفن وفي الأخلاق, فليس فوندت حسيا أو واقعيا ولكنه على العكس يرى أن تنظيم التجربة يفتقر إلى مبدأ أعلى منها؛ ويبحث العقل عن أقصى توحيد للظواهر فيجده بفضل مبدأ السبب الكافي الذي هو قانون الوحدة المهيمن على كل بحث علمي، والذي يثبت أنه لكي تكون المعرفة معقولة تمام المعقولية يجب أن ترتبط أجزاؤها فيما بينها, بحيث تكون كلًّا بريئًا من التناقض.

ج- بناء على ما تقدم يكون التفسير والتوحيد كما يلي: إذا اعتبرنا الظاهرة الشعورية من الوجهة الذاتية رأيناها تمتاز بالفاعلية، ولما كان خير مظهر للفاعلية هو النزوع أو الإرادة, كان السبب الكافي الموحد إرادة أصيلة عميقة، دون أن نفترض لها جوهرًا تقوم فيه. وإذا اعتبرنا الظاهرة الشعورية من الوجهة الموضوعية رأيناها تمتاز بالانفعال والتنوع, فيكون الموضوع الخارجي متكثرًا, ويكون السبب الكافي للموضوعات جملة وحدات مرتبطة فيما بينها. ويبدو ارتباط آحاد الإنسان في مجتمعات متفاوتة هي: الأسرة والقبيلة والنقابة والأمة والإنسانية. على أن الإنسانية الموحدة لم تتحقق بعد، ويجب على الأفراد أن يتخذوا منها غاية وقاعدة لأفعالهم الأخلاقية. بيد أن هذه الإنسانية نفسها محدودة حتمًا في المكان والزمان, فلا يمكن أن تكون السبب الكافي لإرادتنا التي هي نزوع غير محدود، فيجب أن نجاوزها إلى فكرة إله كامل غير متناهٍ هي لازمة عن مبدأ السبب الكافي لزوما ضروريا.

د- وقد كانت لفوندت مساهمة كبيرة في علم نفسية الشعوب, أو تكوين

<<  <   >  >>