وليس الناس متساوين قوة ونشاطًا وذكاء، والنتيجة المنطقية للمادة أن يعتبر الإنسان كائنًا اقتصاديًّا فحسب, قانونه الطمع والمنفعة وتنازع البقاء بالأسلحة الطبيعية. لا عدالة إلا في مذهب يعترف بماهية إنسانية مشتركة بين أفراد النوع، وبحياة إنسانية أرفع من الحياة المادية، وهذان ركنان لا يعترف بهما المذهب المادي.
ووهذا الجدل التاريخي باطل في تعريفه لقيمة السلعة، وفي إنكاره لحق الملكية، وفيما يترتب على التنظيم الشيوعي من استبداد شنيع. ليس بصحيح أن قيمة السلعة تقاس بكمية العمل المتحقق فيها، فإن القيمة تابعة أيضًا لمقدار الحاجة إلى السلعة، أو لما يتجلى فيها من ذوق ودقة وصنع، وقد يبذل عمل كثير في مصنوعات غير قابلة للاستهلاك، كالمصنوعات الفنية, فهل نقتل الذوق في النفوس ونحرم الفنون؟ والأصل في رأس المال أنه عمل مدخر، فالملكية حق طبيعي متى استمدت أصلها من العمل نفسه، وإنصاف العامل ممكن دون ظلم غيره وقلب المجتمع رأسًا على عقب, وإذا كان للملكية مساوئ فباستطاعة الحكومة ومن واجبها أن تصحح هذه المساوئ بتشريع معقول يستبقي الملكية ومزاياها. ثم إن الشيوعيين يقدمون لنا دواء هو شر من الداء؛ فإن تحقيق مذهبهم يستلزم إخضاع الفرد للدولة في جميع الشئون وخنق كل حرية فكرية. ونحن لا نصدق أن باستطاعة حكومة أيا كانت أن تعنى بجميع الأفراد وتدبر جميع المرافق, ولكنها فتنة العقول العامة الضعيفة وغرائزهم الجامحة، نوقن أنها لن تلبث أن تخمد إلى توازن بين الطبقات.