الطبقة الوسطى إلى الانضمام إلى صفوف المعوزين, فتقف الطبقتان وجهًا لوجه. ولكن المعوزين يحسون تضامنهم في جميع البلدان، فيدركون شيئًا فشيئًا مصلحتهم وحقهم وقوتهم، وكارل ماركس يسهب في وصف مراحل هذا التطور. القضية الرابعة: أن الطبقة العاملة، وهي الحاصلة على الحق والعدد والقوة, ستفوز حتمًا على الماليين فتنزع الملكيات بتعويض أصحابها وتجعل من الثروات والمرافق ملكية مشاعة بين الجميع، فيتناول كل قيمة عمله كاملة ويجد فيها ما يكفي لإرضاء جميع حاجاته ويزيد. ولا يعالج ماركس طريقة تنظيم الشيوعية، ويقتصر على القول في الختام بأن التقدم الصناعي يجعل من المستحيل العود إلى الملكية الصغيرة، وأن من شأن هذه الاستحالة أن يتحقق المجتمع الشيوعي حتمًا في مستقبل قريب أو بعيد على أنقاض المجتمع الرأسمالي. ومهمة الحزب الشيوعي تكوين "عقلية الطبقة" عند العمال وتأليفهم حزبًا سياسيًّا كفيلًا بانتزاع السلطة وإقامة الدكتاتورية العمالية.
هـ- هذا هو الجدل التاريخي القائم في الصراع بين الطبقات, والمنتهي حتمًا إلى المجتمع البريء من الطبقات الكامل الاشتراكية! ولكنه باطل من جميع الوجوه؛ إنه باطل في أساسه المادي وفي محاولته استخراج الموجودات على اختلاف أنواعها من المادة البحتة. وإذا كان للظروف المادية والاقتصادية أثرها في حياة الإنسان, فإن هذا الأثر لا يعدو تكييف هذه الحياة وتوجيه بعض أفعال الإنسان, وتبقى القوى الإنسانية ويبقى الوجدان. وهذا الجدل باطل في اعتماده على الإلحاد, قال كارل ماركس: إن الدين أفيون الشعب يجب منعه عنه لكي ينفض التسليم والخنوع وينهض للمطالبة بحقه؛ ولكنه لم يفطن إلى ما ينتج عن الإلحاد من الهبوط بالإنسان إلى درك البهيمة بل إلى أدنى؛ إذ إن الإنسان حينذاك يجري مع غرائزه مطلقًا من القيد الطبيعي الذي نشاهده في البهيمة والذي يقفها عند حد الاعتدال, فلا يعرف رادعًا سوى الخوف من بطش الأفراد والجماعة. وإذا كان الشيوعيون يشبعون الجسم كما يعتقدون، ويأملون أن يستغني الإنسان الشبعان عن الدين,
فإنهم واهمون. إن الحاجة إلى الدين أصيلة في النفس لا يمكن اجتثاثها؛ و"ليس يحيا الإنسان بالخبز وحده, بل بكل كلمة تخرج من فم الله". ومن عجب أن تبنى الشيوعية على فكرة العدالة وليست العدالة معروفة من الطبيعة الصماء