للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثابتة بالتجربة، فما وجه الحاجة إلى البراجماتزم؟ إن التجربة تقطع قول كل منكر وتغني عن المحاجة, فعجز المذهب ينقض صدره. أما قول جيمس: إن الإله اللامتناهي الثابت الكامل لا يدخل في علاقة مع الإنسان، فراجع إلى اعتقاده أن هذه العلاقة تستلزم تغيرًا في الله، والواقع أن الإله المتناهي ليس إلهًا بمعنى الكلمة؛ لأنه ليس العلة الأولى، وأنه ما دام الله لامتناهيًا بالضرورة فيجب القول بأن ليس له سوى فعل واحد يتضمن جميع المفعولات, فلا تجري التغير فيه بل في المخلوقات.

٢٠٠ - جوزيا رويس " ١٨٥٥ - ١٩١٦ ":

أ- تلقى الفلسفة عن لوتزي وتشارلس بيرس ووليم جيمس, وعين أستاذًَا بجامعة هارفارد سنة ١٨٩٢. ونشر كتبًا كثيرة أهمها: "الوجهة الدينية للفلسفة " ١٨٨٥ " و"روح الفلسفة الحديثة" " ١٨٩٦ " و"العالم والفرد" " ١٩٠٠ - ١٩٠٢ ".

ب- مذهبه يعتبر هجلية جديدة، فإنه يقبل الأحادية، ولكنه يقبل الفردية أيضًا. ويحاول التوفيق بينهما, فيقول من الجهة الواحدة: إن طبيعة الفكر تقتضي المطلق، إذ إن الفعل الأساسي للفكر هو الحكم، ولا قيمة للحكم إلا إذا افترضنا فكرًا أكمل من فكرنا, حاصلًا على موضوع الحكم ومنزهًا عن التساؤل والشك اللذينِ يستدعيان الحكم، فلا حقيقة إلا إذا كان هناك أنا واحد يتضمن كل فكر وكل موضوع، ويقول من جهة أخرى: إن مذهب المطلق يعتمد على مقتضيات العقل هذه لكي ينكر يقين الحياة العملية، بأفعالها وآلامها، على حين أن ليس للفكرة من قيمة عملية إلا إذا كانت متشخصة تمام التشخيص مباينة لكل فكرة أخرى، وأن الكلية علامة النقص "على ما أبدى الحسيون وأعادوا". فالمطلق كلي ناقص يتكامل على الدوام بأن يترجم عن ذاته بأفراد يصنع كل منهم مصيره بحرية. فحياة هذا الأنا المطلق قائمة في معرفة الأفراد الذين يحققونه على التوالي, وهذا يعني أن رويس يؤله المجتمع. ثم يجعل منه موضوع دين يفرض على كل فرد الإخلاص التام للجماعة، مع محاولته الإبقاء على الاستقلال الفردي.

<<  <   >  >>