معنى غير تام. وكل ألم فهو تعبير عن عدم انسجام وهو حافز لرفع هذا العدم. فالنقص والقلق وعدم الانسجام, ذلك نصيب الموجود المحدود، في حين أن مثلنا الأعلى العملي يقضي بإرضاء كل ناحية من طبيعتنا بانسجام مع سائر النواحي. ولكننا عاجزون عن تصور ما يرضي المقياس تمام الرضا, وفينا تعارض مستمر بين الكثرة والانسجام. والسبب في عدم الانسجام الحد، ولا يرفع الحد إلا بمحتوى أوسع يمحو تبعيتنا للعلاقات الخارجية التي هي سبب الاضطراب الباطن. لذا كان الموجود اللامتناهي دون غيره منسجمًا تمام الانسجام وثابتًا لا يتغير لأنه كامل؛ ولذا كنا ننزع دائمًا إلى الصعود ونريد أن نفنى في المحبة كما يصب النهر في البحر, والفلسفة والدين تعبيران عن المطلق الذي نصبو إليه. الفلسفة ترينا أن العلم شيء ضئيل بالإضافة إلى غنى الوجود، ويحاول الدين تصور المطلق في ذاته بمعانٍ مستمدة من التجربة، ولكن الفلسفة علم يراجع ماهية المعاني وقيمتها, والدين لا يراجع، فمن هذه الوجهة الفلسفة أرفع؛ والفلسفة علم نظري، والدين مجهود يتجه إلى التعبير عن الحقيقة الكاملة للخير بواسطة جميع نواحي طبيعتنا، فمن هذه الوجهة الدين أرفع ومن الخاصة هذه نتبين أن برادلي تصوري لا يعترف لمعاني العقل بغير قيمة اصطلاحية، وأنه أحادي يقضي على وجود الفرد، فيتفق مع أصحاب البراجماتزم في النقطة الأولى، ويختلف عنهم في الثانية.
٢٠٣ - برنارد بوزنكيت " ١٨٤٨ - ١٩٢٣ ":
تخرج هو أيضا في أكسفورد وكان أستاذا فيها. أهم كتبه:"المنطق"" ١٨٨٨ ""قيمة الفرد ومصيره"" ١٩١٣ ""ما الدين"" ١٩٢٠ ". هو من رجال الهجلية الجديدة، ولكنه لا يرى أن هناك فكرًا خالصًا ومنطقًا خالصًا ومعنًى مجردًا هو كلي فحسب، وإنما الوجود عنده مركب من الكلية والتشخص، فالمنطق عنده معرفة تركيب الأشياء أو هو العلم الذي يجعل الأشياء قابلة لأن تكون معقولة. فهو يعرض لتأييد مذهب برادلي بالاعتماد على التجربة, فيرى أن الوجود موجود فردي مستوعب كل شيء معقول تمام المعقولية، وأنه وحده "موجود" وما عداه من الجزئيات، عقولا أو أشياء، فله فردية جزئية ووجود جزئي. والدليل على ذلك أن الإدراك الظاهري والتفكير والحياة الاجتماعية والأفعال الأخلاقية والتأمل الفني