للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصواب يمكن إقامة نظرية في الحقيقة والقيمة؛ ولكل تجربة فكرية وجهان: أحدهما الموضوع "سواء أكان حقيقيا أم متخيلا" وهو طرف إضافة وهدف قصد، والآخر نفسي وهو مجرد "فعل" التصور والحكم والمحبة والكراهية، وعلى "الأفعال" يقوم علم النفس.

ج- وأعظم أركان المدرسة إدموند هوسرل " ١٨٥٩ - ١٩٣٨ " الأستاذ بجامعة جوتنجن ثم بجامعة فريبورج "الألمانية". كان رياضيًّا أول الأمر؛ نشر كتابًا في "فلسفة الحساب" " ١٨٩١ " وقادته الرياضيات إلى الفلسفة كما كان شأن كثيرين من المحدثين، فقد استوقف نظره دقة الرياضيات ومتانتها واتفاق العقول عليها, بينما العقول مختلفة على النظريات الفلسفية وعلى منهج معالجتها، فأراد أن يجد للفلسفة أساسًا لا يتطرق إليه الشك ويسمح بإقامتها علمًا بمعنى الكلمة أي: برهانيا، وتوسل إلى غرضه باصطناع فكرة القصد كما بينها برانتانو، وشرع يبني مذهبه, فنشر كتابًا "في المنطق" في مجلدين " ١٩٠٠ , ١٩٠١ " وكتابًا "في الفينومنولوجيا" " ١٩١٣ " وآخر في نفس الموضوع " ١٩٢٨ " و"تأملات ديكارتية أو المدخل إلى الفينومنولوجيا" " ١٩٣١ " وهو مجموعة محاضرات ألقاها في السوربون.

د- إنه يضع مبدأين: أحدهما سلبي والآخر إيجابي. المبدأ السلبي أنه "يجب التحرر من كل رأي سابق، باعتبار أن ما ليس متبرهنًا ببرهان ضروري فلا قيمة له". والحالة النفسية المطلوبة هنا تشبه حالة الشك الكلي عند ديكارت مع هذا الفارق وهو أن هوسرل لا يستند مثل ديكارت إلى أسباب للشك, فلا ينكر العالم الخارجي ولا يرتاب في وجوده ولكنه يطلب إلى العقل أن "يضع بين قوسين" الوجود الواقعي للأشياء لكي يحصر نظره في خصائصها الجوهرية كما هي ماثلة في الشعور، ومع اعترافه بأن هذا الموقف غير طبيعي وأنه مؤقت يتيح للعقل أن يتناول الموضوع بريئًا من كل واسطة مشوهة فينظر فيه نظرًا صافيًا. والمبدأ الإيجابي يدل على ماهية هذا الموضوع إذ يقول: إنه "يجب الذهاب إلى الأشياء أنفسها" أي: إلى الأشياء الظاهرة في الشعور ظهورًا بينًا، مثل اللون الأزرق أو الأحمر والصوت والحكم وما إلى ذلك من ماهيات ثابتة مدركة بحدس خاص. هذا على حين أن لوك وسائر الحسيين يصفون كثيرًا من الظواهر بأنها تتكون بالمضاهاة

<<  <   >  >>