وانهم قرءوا، وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ [التحريم: ٤]، في سورة التحريم كذلك فتعين للباقين تثقيل الظاء فيهما وقوله تحللا أي أبيح من التحليل وحسن ذكره بعد ذكر التحريم:
وحمزة أسرى في أسارى وضمّهم ... تفادوهمو والما إذ راق نفّلا
أخبر أن حمزة قرأ وإن يأتوكم أسرى بفتح الهمزة على وزن فعلى في موضع أسارى بضم الهمزة على وزن فعالى في قراءة الباقين ولفظ بالقراءتين من غير تقييد على ما
قرره في قوله:
«وباللفظ استغنى عن القيد إن جلا»، ثم إنه أخبر أن المشار إليهم بالهمزة والراء والنون في قوله إذ راق نفلا وهم نافع والكسائي وعاصم قرءوا تفادوهم بضم التاء والمد وأراد به إثبات الألف ومن ضرورة إثباتها فتح الفاء قبلها فتعين للباقين فتح التاء وحذف الألف ومن ضرورة حذف الألف سكون الفاء وراق الشراب أي صفا، ونفل أي زاد وأعطى النفل، والنفل الزيادة والغنيمة:
وحيث أتاك القدس إسكان داله ... دواء وللباقين بالضّم أرسلا
أخبر أن المشار إليه بالدال في قوله دواء وهو ابن كثير قرأ بإسكان دال القدس حيث وقع وإن الباقين قرءوا بضم الدال وإنما احتاج إلى بيان قراءة الباقين لأن الإسكان المطلق
ضده الفتح لا الضم وأرسل: أي أطلق الضم لهم. والقدس في البيت ساكن الدال للوزن:
وينزل خفّفه وتنزل مثله ... وننزل حقّ وهو في الحجر ثقّلا
أخبر أن المشار إليهما بحق وهما ابن كثير وأبو عمرو قرآ جميع ما جاء من لفظ ينزل وتنزل وننزل بتخفيف الزاي ويلزم من ذلك إسكان النون فتعين للباقين القراءتين بتثقيل الزاي ويلزم من ذلك فتح النون وإنما ذكر هذه الألفاظ الثلاثة لأن مواضع الخلاف في القراءتين لا تخرج عنها من جهة أن أوائلها لا تخلو من ياء أو تاء أو نون وقد لفظ بها مضمومة الأوائل في البيت فلا يرد عليه ما كان مفتوح الأول نحو وما ينزل من السماء وما يعرج فيها فكأنه قال مثل هذا اللفظ مضموم إن كان ياء أو تاء أو نونا ومواضع الخلاف منقسمة إلى فعل مسند للفعل كالأمثلة التي ذكرها وإلى أمثلة مسندة للمفعول نحو أن ينزل عليكم من خير من ربكم ومن قبل أن تنزل التوراة ولم يذكر شيئا منها كما فعل صاحب التيسير والخلاف عام في كل فعل مضارع من هذا اللفظ ضم أوله سواء كان مبنيا للفاعل أو المفعول. وقوله وهو في الحجر ثقلا الضمير في قوله وهو عائد إلى آخر الأمثلة الثلاثة المذكورة وهو ننزل مثل الذي في الحجر لأن فيها موضعين أحدهما ما ننزل الملائكة وإن اختلف القراء في قراءته فزاؤه مشددة للجميع على ما سيأتي بيانه في سورته والثاني وما ننزله إلا بقدر معلوم أخبر أنه مثقل لجميع القراء ولهذا قال ثقلا بضم الثاء:
وخفّف للبصري بسبحان والّذي ... في الأنعام للمكّي على أن ينزّلا
أخبر أن ما جاء من ذلك في سورة سبحان خفف لأبي عمرو والذي جاء منه في سبحان موضعان أحدهما وننزل من القرآن والثاني حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه فبقي ابن كثير على التثقيل كالباقين والبصري على قاعدته وابن كثير مخالف لقاعدته ثم أخبر أن المكي وهو ابن كثير خفف في الأنعام إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً فبقي أبو عمرو فيه على التثقيل كالباقين وقيده الناظم بمصاحبة على احترازا