قبلها كسرة أو ياء ساكنة أي جعلا مكان الكسر في الهاء الضم، ومن هنا علم أن الهاء إنما هي دائرة بين الضم والكسر فقط وذكر الوصل لهما زيادة إيضاح وإلا فهو معلوم من قوله فيما بعد وقف للكل بالكسر ومعنى شمللا أسرع ثم أتي بمثال ما كسر أبو عمرو ميمه وضم حمزة والكسائي هاءه في حال وصلهم فقال كما بهم الأسباب أي المختلف فيه كهم الأسباب وما زائدة أراد قوله تعالى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ [البقرة: ١٦٦]، وهذا مثال الهاء المكسور ما قبلها وفيه إشارة إلى اشتراط مجاورة الكسرة للهاء ومثله فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة: ٩٣]، مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ [القصص: ٢٣]، فلو حال بين الكسر والهاء ساكن لا يكسره نحو ومنهم الذين المثال الثاني في قوله تعالى: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ [البقرة: ٢٤٦]، هذا مثال الهاء الواقع قبلها ياء ساكنة ومثله يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ [البقرة:
١٦٧]، أرسلنا إليهم اثنين كلامه من أول الباب إلى هنا كان على الوصل ثم ذكر حكم الوقف فقال وقف للكل بالكسر أمر بالوقف لكل القراء بالكسر أي في الهاء الواقعة قبل ميم الجمع ومكملا حال أي قف بالكسر في حال إكمالك معرفة ما ذكرته من الأوجه.
توضيح: اعلم أن ميم الجمع الواقع قبل الساكن قسمان: قسم لا خلاف في ضمه وهو ما لم يقع قبله هاء قبلها كسرة أو ياء ساكنة نحو عَلَيْكُمُ الصِّيامُ [البقرة: ١٨٣]، وقسم فيه خلاف وهو ما وقع قبله ذلك نحو ما مثل به الناظم في المثالين والقراء فيه على ثلاث مراتب في حال الوصل منهم من ضم الهاء والميم وهما حمزة والكسائي ومنهم من كسر الهاء والميم وهو أبو عمرو. ومنهم من كسر الهاء وضم الميم وهم الباقون وأما الوقف فكلهم كسروا الهاء فيه ولا خلاف بين الجماعة أن الميم في جميع ما تقدم ساكنة في الوقف.
خاتمة: آمين ليست من القرآن، وهي مستحبة لتأكيد الدعاء.
[باب الإدغام الكبير]
الإدغام في اللغة عبارة عن إدخال الشيء في الشيء وهو ينقسم إلى كبير وصغير، فالكبير يكون في المثلين والمتقاربين وسمي بالكبير لتأثيره في إسكان الحرف المتحرك قبل إدغامه والصغير ما اختلف في إدغامه من الحروف السواكن نحو ومن لم يتب فأولئك ودال قد وذال إذ وتاء التأنيث ولام هل وبل ولا يكون إلا في المتقاربين.
ودونك الإدغام الكبير وقطبه ... أبو عمرو البصريّ فيه تحفّلا
ودونك إغراء أي خذ الإدغام وحقيقة الإدغام أن تصل حرفا ساكنا بحرف متحرك فتصيرهما حرفا واحدا مشددا يرتفع اللسان عنه ارتفاعة واحدة وهو بوزن حرفين. قوله وقطبه أبو عمرو قطب كل شيء ملاكه وقطب القوم سيدهم الذي يدور عليه أمرهم أي مدار الإدغام على أبي عمرو وهو منقول عن جماعة كالحسن وابن محيصن والأعمش إلا أنه اشتهر عن أبي عمرو فنسب إليه فصار قطبا له يدور عليه كقطب الرحا. قوله فيه تحفلا أي تحفل أبو عمرو في أمر الإدغام من جمع حروفه ونقله والاحتجاج له يقال احتفل في كذا أو بكذا والناظم نسب الإدغام إلى أبي عمرو ولم يصرح بخلفه كالتيسير لكنه صرح به في الهمز الساكن ونسبه إلى أبي عمرو بشرط علم منه الخلاف والناظم خص السوسي بإبدال الهمز والدوري بتحقيقه فأسقط وجه إبدال الدوري ووجه تحقيق