إلا بتحريك ما قبله وإن خفيت الحركة فإن لم تحرك انحذف الحرف الذي تسكينه للإدغام وأنت تظن أنه مدغم فإذا كان كذلك فالطريق السهل حينئذ إما الإظهار وإما الإخفاء فرجح الناظم رحمه الله الإخفاء فقال وبالإخفاء طبق مفصلا والضمير في طبق للقارئ أي إذا أخفاه القارئ أصاب وهو من قوله: طبق السيف المفصل إذا أصاب المفصل، ثم مثل بما قبله حرف صحيح ساكن فقال:
خذ العفو وأمر ثم من بعد ظلمه ... وفي المهد ثم الخلد والعلم فاشملا
ذكر رحمه الله خمسة أمثلة في كل مثال منها حرف صحيح سكن قبل الحرف المدغم من المثلين والمتقاربين فمن المثلين قوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ [الأعراف:
١٩٩]، فيه فاء ساكنة قبل الواو ومن العلم مالك فيه لام ساكنة قبل الميم ومن المتقاربين من بعد ظلمه فيه عين ساكنة قبل الدال والمهد صبيا فيه هاء ساكنة قبل الدال والخلد جزاء فيه لام ساكنة قبل الدال ولما لم يوردها على طريق التمثيل خاف أن يتوهم الحصر فقال فأشملا أي عمم الكل وقس المتروك على المذكور نحو قوله تعالى زادته هذه لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ [النور: ٦٢] وشبه ذلك، يقال: شملهم الأمر إذا عمهم.
[باب هاء الكناية]
سميت هاء الكناية لأنها يكنى بها عن الاسم الظاهر الغائب نحو به وله عليه وتسمى هاء الضمير أيضا والمراد بها الإيجاز والاختصار وأصلها الضم.
ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن ... وما قبله التّحريك للكلّ وصّلا
أخبر رضي الله عنه أن القراء كلهم لم يصلوا هاء الضمير إذا وقعت قبل ساكن لأن الصلة تؤدي إلى الجمع بين الساكنين بل تبقى على حركتها ضمة كانت أو كسرة نحو قوله تعالى: يَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة: ١٩٧]، رَبِّهِ الْأَعْلى [الليل: ٢٠]، وكذا إذا كانت الصلة ألفا وذلك في ضمير المؤنث المجمع على صلته بها مطلقا فإن صلتها تحذف للساكن بعدها نحو من تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [البقرة: ٢٥]، وقوله تعالى: فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ [مريم:
٢٣]، وقوله: لَمْ يُصَلُّوا [النساء: ١٠٢]، هاء مضمر عام يشمل ضمير المذكر والمؤنث وإن كان خلاف القراء واقعا في المذكر لا غير ولا يرد على هذا الإطلاق إلا موضع واحد في عبس قوله تعالى: عَنْهُ تَلَهَّى [عبس: ١٠]، في قراءة البزي ثم قال وما قبله التحريك أي والذي تحرك ما قبله من هاءات الضمير المذكر التي ليس بعدها ساكن فكل القراء يصلونها بواو إن كانت مضمومة، وبياء إن كانت مكسورة نحو قوله تعالى: أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ [عبس:
٢١]، وخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ [الجاثية: ٢٣]، واعلم أن الصلة تسقط في الوقف إلا الألف في ضمير المؤنث ثم انتقل إلى المختلف فيه فقال:
وما قبله التّسكين لابن كثيرهم ... وفيه مهانا معه حفص أخو ولا
أي والذي قبله من هاءات الضمير ساكن فإنه موصول لابن كثير وحده نحو قوله تعالى: اجْتَباهُ وَهَداهُ [النحل: ١٢١]، وعَقَلُوهُ [البقرة: ٧٥]، وفيه وعليه وإليه فإن لقي الهاء ساكن لم يصل على ما سبق تقريره نحو قوله تعالى يَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة: ١٩٧]، وقرأ باقي القراء بترك الصلة في كل ما قبله ساكن وعلم ذلك من الضد لأن ضد الصلة تركها
ووافقه حفص على صلة ويخلد فيه مهانا، فهذا معنى قوله: فِيهِ مُهاناً [الفرقان: ٦٩]، معه حفص أي مع ابن كثير أخو ولا أي أخو متابعة لأن الولاء بكسر الواو والمد بمعنى المتابعة وقصره الناظم. واعلم أن هشاما وافق ابن كثير على الصلة في أرجئه في الموضعين كما سيأتي:
وسكّن يؤدّه مع نولّه ونصله ... ونؤته منها فاعتبر صافيا حلا
أراد يؤدي إليك موضعان بآل عمران ونُوَلِّهِ [النساء: ١١٥]، ونُصْلِهِ [النساء:١١٥] بالنساء ونُؤْتِهِ مِنْها [الشورى: ٢٠] موضعان بآل عمران وموضع بالشورى أمر بتسكين الهاء في هذه السبعة موضع لمن أشار إليهم بالفاء والصاد والحاء في قوله: