ذكره بعد باب الاستعاذة لتناسبهما بالتقدم على القراءة. والبسملة مصدر بسمل إذا قال بسم الله:
وبسمل بين السّورتين بسنّة ... رجال نموها درية وتحمّلا
أخبر أن رجالا بسملوا بين السورتين آخذين في ذلك بسنة نموها أي رفعوها ونقلوها وهم قالون والكسائي وعاصم وابن كثير، وأشار إليهم بالباء والراء والنون والدال من قوله:
بسنة رجال نموها درية، وعلم من ذلك أن الباقين لا يبسملون بين السورتين لأن هذا من قبيل الإثبات والحذف وأراد بالسنة التي نموها كتابة الصحابة لها في المصحف وقول عائشة رضي الله عنها اقرءوا ما في المصحف، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم انقضاء السورة حتى نزل عليه بسم الله الرّحمن الرّحيم، ففيه دليل على تكرير نزولها مع كل سورة، ومعنى درية وتحملا أي دارين متحملين لها أي جامعين بين الرواية والدراية.
ووصلك بين السّورتين فصاحة ... وصل واسكتن كلّ جلاياه حصّلا
أخبر أن وصل السورة بالسورة من باب الفصاحة لما فيه من بيان الإعراب نحو الحاكمين اقرأ والأبتر، قل ولي دين إذا، ومعرفة أحكام ما يكسر منها وما يحذف لالتقاء الساكنين كآخر المائدة والنجم وبيان همزة الوصل والقطع كأول القارعة وألهاكم التكاثر وما يسكت عليه في مذهب خلف كآخر والضحى، وأشار بالفاء من قوله: فصاحة إلى حمزة لأنه روى عنه أنه كان يصل آخر السورة بأول الأخرى ولا يبسمل بينهما. قوله: وصل واسكتن إلخ، أمر بالتخيير بين الوصل والسكت لمن أشار إليهم بالكاف والجيم والحاء في قوله: كل جلاياه حصلا وهم ابن عامر وورش وأبو عمرو والمعنى صل السورة بالسورة إن شئت واسكت بينهما إن شئت وبهذا التقدير دخل الكلام معنى التخيير وإلا فالواو ليست موضوعة
له والجلايا جمع جلية من جلا الأمر إذا بان واتضح أي كل من القراء حصل جلايا ما ذهب إليه وصوبه.
ولا نصّ كلّا حبّ وجه ذكرته ... وفيها خلاف جيده واضح الطّلا
اختلف الشراح هل في هذا البيت رمز أم لا، فأكثرهم على أن الكاف والحاء من كلا حب رمز، وكذلك الجيم من جيده رمز، وقوله: ولا نص أي لم يرد نص عن ابن عامر وأبي عمرو بوصل ولا سكت وإنما التخيير لهما استحباب من الشيوخ، وإلى ذلك أشار بقوله: