للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المستعمل عند الحذاق من أهل الأداء في لفظها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم دون غيره، ثم عضد روايته بدليل من السنة فقال:

وقد ذكروا لفظ الرّسول فلم يزد ... ولو صحّ هذا النّقل لم يبق مجملا

الضمير في ذكروا للقراء والمحدثين ومفعوله لفظ الرسول أي استعاذته فلم يزد أي لم

يزد لفظها على ما أتى في سورة النحل، أشار إلى قول ابن مسعود قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم فقال لي. قل يا ابن أم عبد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وروى نافع عن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول قبل القراءة أعوذ بالله من الشيطان

الرجيم وكلا الحديثين ضعيف وأشار بقوله: ولو صح هذا النقل إلى عدم صحة الحديثين، وقوله: لم يبق مجملا أي لو صح نقل ترك الزيادة لذهب إجمال الآية واتضح معناها وتعين لفظ النحل دون غيره ولكنه لم يصح فبقي اللفظ مجملا، ومع ذلك فالمختار أن يقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لموافقة لفظ الآية وإن كان مجملا ولورود الحديث به على الجملة وإن لم يصح لاحتمال الصحة.

وفيه مقال في الأصول فروعه ... فلا تعد منها باسقا ومظلّلا

أي وفي التعوذ مقال أي قول طويل انتشرت فروعه في الأصول يعني أصول الفقه وأصول القراءات وذلك أن الفقهاء يقولون اتباعا لنص الكتاب فلا بد من معرفة النص والظاهر وهل هذا الأمر على الوجوب أم لا؟ وأما أصول القراءات ففيها الحديث في استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتاج إلى معرفة ما قيل في سنده والباسق الطويل المرتفع والمظلل الساتر بظله من استظل به.

وإخفاؤه فصل أباه وعاتنا ... وكم من فتى كالمهدوي فيه أعملا

الإخفاء هنا الإسرار، أي روى إخفاء التعوذ عن حمزة ونافع، وأشار إلى حمزة بالفاء من فصل لأنها رمزه، وأشار إلى نافع بالألف من أباه لأنها رمزه، وهذا أول رمز وقع في نظمه والواو من وعاتنا للفصل، وتكرر بقوله: وكم وجهر به الباقون وهم ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي، هذا هو المقصود بهذا النظم في الباطن ونبه بظاهره على أن من ترجع قراءته إليهم من الأئمة أبوا الإخفاء ولم يأخذوا به، بل أخذوا بالجهر للجميع، ولذلك أمر به مطلقا في أول الباب، قوله: وإخفاؤه فصل الفصل الفرق والإباء الامتناع ووعاتنا حفاظنا، ثم قال: وكم من فتى كالمهدوي يشير إلى أن كثيرا من الأقوياء في هذا العلم اختاروا الإخفاء، ومن جملتهم المهدوي وهو أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي منسوب إلى مهدية من بلاد إفريقية بأوائل الغرب كان يأخذ بالإخفاء لحمزة فيه أعملا أي أعمل فكره في تصحيح الإخفاء.

<<  <   >  >>