بذلك إلى أن التنوين كالحلية والزينة وقصر لفظ تا وأسكن ياء المكتسى ضرورة والمثقل هو المشدد نحو فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ [الأعراف: ١٤٢]، قوله: وأيضا أي مثل النوع الرابع وهو مصدر آض إذا رجع. وقوله: مثلا أي مثل الموانع الأربعة أي متى وجد أحد هذه الموانع الأربعة تعين الإظهار واستدرك مانع خامس عام نحو أَنَا نَذِيرٌ [الملك: ٢٦] وأنا لكم فإن المثلين والمتقاربين التقيا لفظا ولا إدغام محافظة على حركة النون ولهذا تعمد بألف في الوقف فتصير انا وقد أورد على استثناء المنون الهاء الموصولة بواو أو ياء نحو سبحانه هو الله من فضله هو خيرا لهم فقيل أدغم السوسي الهاء لأن صلة الضمير تفتقر ثم ذكر بقية الموانع فقال:
وقد أظهروا في الكاف يحزنك كفره ... إذ النّون تخفى قبلها لتجمّلا
أي أظهر رواة الإدغام عن السوسي كاف يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ [لقمان: ٢٣] بلقمان وبه أخذ الداني وعليه عول الناظم ثم ذكر التعليل، فقال إذ النون تخفى قبلها أي أظهروا الكاف لأن النون الساكنة التي قبلها أخفيت فانتقل مخرجها إلى الخيشوم فصعب التشديد بعدها فامتنع الإدغام. وقوله: لتجملا تعليل أي لتجمل الكلمة ببقائها على صورتها فحاصله أنا نقرأ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ [لقمان: ٢٣]، بترك الإدغام لأبي عمرو من طريق الدوري والسوسي من هذا القصيد على ما سيأتي تقريره في أحكام النون الساكنة والتنوين من أنها تخفى عند الكاف.
وعندهم الوجهان في كلّ موضع ... تسمّى لأجل الحذف فيه معلّلا
كيبتغ مجزوما وإن يك كاذبا ... ويخل لكم عن عالم طيّب الخلا
وعندهم أي عند المدغمين من أصحاب السوسي الوجهان أي الإظهار والإدغام في كل موضع أي في كل مكان التقى فيه مثلان بسبب حذف وقع في آخر الكلمة الأولى لأمر اقتضى ذلك، وقد يكون المحذوف حرفا أو حرفين وكل كلمة فيها حرف من حروف العلة وهي الألف والواو والياء يقال هذه الكلمة معتلة وقد أعلت كأنه حصل بها إعلال ومرض وكل خلاف يذكر هنا رواية يجب أن يكون متشعبا عن السوسي لأنه صاحب روايته ثم نص على المواضع فقال كيبتغ مجزوما الوجه أن تكون الكاف في كيبتغ مجزوما زائدة لئلا يتوهم أن ثم كلمات غير هذه والواقع فيه الخلاف إنما هي هذه الكلمات الثلاث أولاهن وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ [آل عمران: ٨٥]، فأصله يبتغي بالياء ثم حذفت للجزم الثانية وإن يك كاذبا فأصله يكون بالنون فحذف الجازم حركة النون فاجتمع ساكنان هي والواو قبلها فحذفت الواو لالتقاء الساكنين ثم حذفت النون تخفيفا فهذه الكلمة حذف منها حرفان وحركة الكلمة الثالثة يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ [يوسف: ٩]، فأصله يخلو بالواو فحذفت الواو لجواب
الأمر. قوله عن عالم أي عن رجل عالم طيب الخلا والخلا بالقصر العشب الرطب استعير للحديث الطيب يقال هو الطيب الخلا أي حسن الحديث والعالم هو السوسي أي الوجهان أعني الإظهار والإدغام في هذه الكلمات الثلاث تروى عن السوسي.