الإدغام ولم يمتنع، نحو وشهد شاهد، من بعد ذلك وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ [البقرة: ٢٥١]، فاعلمه أي فاعلم ذلك واعمل به.
وفي عشرها والطّاء تدغم تاؤها ... وفي أحرف وجهان عنه تهلّلا
لما انقضى كلامه في الدال انتقل إلى التاء المثناة وهي من حروف شفا ذكرها في قوله تضق وأخبر في هذا البيت أنها تدغم في الأحرف العشرة التي أدغمت فيها الدال وتدغم أيضا في الطاء معها والهاء في عشرها للدال وفي تائها يجوز أن تكون للعشر ويجوز أن تكون للأحرف السابقة الستة عشر فإن قيل من جملة حروف الدال العشرة التاء فإدغام التاء في التاء من باب المثلين قيل لم يسغ استثناؤها إذ هي مما تدغم في الجملة ومثال إدغامها في مثلها الشوكة تكون ومثال إدغامها في السين الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ [النساء: ٥٧، ١٢٢]، وفي الذال وَالذَّارِياتِ ذَرْواً [الذاريات: ١]، وفي الشين بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ [النور: ٤]، وفي الضاد وَالْعادِياتِ ضَبْحاً [العاديات: ١]، وفي الثاء الصَّالِحاتِ [العصر: ٣]، ثم وفي الزاي فَالزَّاجِراتِ زَجْراً [الصافات: ٢]، وفي الصاد قوله تعالى: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً [العاديات: ٣]، وفي الظاء قوله تعالى: الْمَلائِكَةُ ظالِمِي [النساء: ٩٧]، [النحل: ٢٨]، وفي الجيم قوله: مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: ٢]، وفي الطاء قوله تعالى:
الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ [النحل: ٣٢]، ولا خلاف في إدغام هذا جميعه ونحوه، ولم يذكر في
التاء ما ذكر في الدال من كونها لم تدغم مفتوحة بعد ساكن لأن التاء لم تقع كذلك إلا وهي حرف خطاب وهو قد علم استثناؤه نحو قوله تعالى: دَخَلْتَ جَنَّتَكَ [الكهف: ٣٩]، وقوله تعالى: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ [طه: ٣٦]، إلا مواضع وقعت فيها مفتوحة بعد ألف فهي على قسمين منها موضع واحد لا خلاف في إدغامه، وهو قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ [هود: ١١٤]، ومنها ما نقل فيه الخلاف وهو المشار إليه بقوله: وفي أحرف وجهان عنه أي عن السوسي تهللا أي استنار فظهر.
هذه الأحرف التي فيها وجهان مثل الذين حملوا التوراة ثم لم بالجمعة وآتوا الزكاة ثم توليتم بالبقرة، وقوله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ [الإسراء: ٢٦]، بسبحان وفَآتِ ذَا الْقُرْبى [الروم: ٣٨]، وهما المراد بقوله وقل آت ذل وبين الذال ولام التعريف من القربى ألفان إحداهما ألف ذا والأخرى همز الوصل في القربى وهي تسقط في الدرج وتسقط ألف ذا لأجل لام التعريف بعدها لكونها ساكنة فلذلك رسمت في بعض النسخ ذل بإسقاط ألفين على صورة اللفظ وهي الرواية، وفي بعضها بألفين وهو الصواب على الأصل والحرف الخامس بالنساء قوله تعالى: وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى [النساء: ١٠٢]، فهذه المواضع في كل منها وجهان عن السوسي الإظهار والإدغام وليس في قوله على رمز لأن الباب كله لأبي عمرو رضي الله عنه ثم ذكر الحرف السادس فقال:
وفي جئت شيئا أظهروا لخطابه ... ونقصانه والكسر الإدغام سهّلا
أي في لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا [مريم: ٢٧]، للسوسي وجهان الإظهار والإدغام أما الإظهار فلأجل تاء الخطاب الموجودة فيه ولأجل نقصانه وهو حذف عين الفعل وضمير أظهروا عائد على ابن مجاهد وأصحابه، فأما المفتوح التاء فلا خلاف في إظهاره وهو موضعان بالكهف قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً [الكهف: ٧١]، وقوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً [الكهف: ٧٤]، وعلم ذلك من قوله والكسر الإدغام سهلا يعني أن تاء الخطاب مكسورة والكسر ثقيل ففارقت غيرها من تاءات الخطاب المفتوحة فسهل كسره الإدغام وسوغه.