وهذا المعنى مفهوم من قاعدته في الهمزتين ولكن الناظم تمم به البيت وقوله وفي آل عمران احترز به عن الذي بالمدثر أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً [المدثر: ٥٢].
وطه وفي الأعراف والشّعرا بها ... ء آمنتم للكلّ ثالثا أبدلا
وحقّق ثان صحبة ولقنبل ... بإسقاطه الأولى بطه تقبّلا
وفي كلّها حفص وأبدل قنبل ... في الأعراف منها الواو والملك موصلا
قوله: بها أي بهذه السور الثلاث لفظ آمنتم وكان ينبغي أن يذكر أَآلِهَتُنا خَيْرٌ [الزخرف: ٥٨]، هاهنا لمناسبة أآمنتم في اجتماع ثلاث همزات في الأصل لكنه أخره إلى سورته تبعا للتيسير وأراد قوله تعالى في سورة طه (أآمنتم له)، وفي الأعراف (أآمنتم به)، وفي الشعراء قال (ء آمنتم له)، وأصل هذه الكلمة أأمن على وزن أفعل فالهمزة التي هي فاء الفعل ساكنة أبدلت ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها كما أبدلت في آدم وآزر ثم دخلت على الكلمة همزة الاستفهام فاجتمع ثلاث همزات فأخبر في البيت الأول أن الهمز الثالث الذي هو فاء الفعل أبدل للقراء كلهم ألفا ثم أخبر في البيت الثاني أن المشار إليهم بصحبة وهم حمزة والكسائي وشعبة حققوا الهمزة الثانية بعد تحقيق الأولى على أصولهم في تحقيق الهمزتين فتعين للباقين القراءة بالتسهيل بين بين إلا ما سنذكره عن قنبل وحفص، وقوله ولقنبل بإسقاطه الأولى بطه أخبر أن قنبلا أسقط الهمزة الأولى في سورة طه، وقوله: تقبلا أي قبل الإسقاط ثم قال وفي كلها حفص أخبر أن حفصا أسقط الهمزة الأولى في كلها أي في السور الثلاث ومن أبدل لورش الهمزة الثانية في نحو أأنذرتهم ألفا أبدلها أيضا هاهنا ألفا ثم حذفها لأجل الألف التي بعدها فتبقى قراءة ورش على هذا بوزن قراءة حفص بإسقاط الهمزة الأولى فلفظهما متحد ومأخذهما مختلف ولا تصير قراءة ورش كلفظ قراءة حفص إلا
إذا قصر ورش أما إذا قرأ بالتوسط وبالمد فيخالفه وقوله وأبدل قنبل في الأعراف منها الواو والملك أخبر أن قنبلا أبدل من الهمزة الأولى واوا في حال الوصل في سورة الأعراف وأنه فعل ذلك في وإليه النشور وأمنتم في سورة الملك وقوله موصلا بكسر الصاد حال من قنبل يعني أن قنبلا إذا وصل أبدلها واوا مفتوحة للضمة التي قبلها في فرعون والنشور وإذا ابتدأ حقق لزوال الضمة.
توضيح: اعلم أن في أأمنتم التي في الأعراف أربع قراءات:
القراءة الأولى: بتحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية بين بين لنافع والبزي وأبو عمرو وابن عامر.
القراءة الثانية: بإسقاط الهمزة الأولى وتحقيق الثانية لحفص (ويوافقه ورش في اللفظ في أحد وجهيه إذا قرأ بالبدل).
القراءة الثالثة: بإبدال الهمزة الأولى واوا مفتوحة وتسهيل الثانية على أثرها لقنبل وحده.