سوى جملة الإيواء والواو عنه إن ... تفتّح إثر الضّمّ نحو مؤجّلا
أي استثنى ورش من الهمز الساكن الذي هو فاء الفعل جميع ما وقع من لفظ الإيواء نحو «تؤوى وتؤويه والمأوى ومأواهم ومأواكم وفأووا إلى الكهف» فقرأه بالهمزة ولم يبدله؛ ثم استأنف كلاما آخر بقوله والواو عنه أي عن ورش إن تفتح يعني الهمز الذي هو فاء الفعل أثر الضم أي بعد الضم نحو مؤجلا، مثال ما وجد فيه ذلك يعني أن الهمز الذي وجد فيه ما ذكر من الشروط الثلاثة الانفتاح وكونه فاء الكلمة وكونه بعد الضم فإن ورشا يبدله واوا نحو
يؤاخذ يؤلف ويؤخر ومؤذن ومؤجلا فإن لم يجتمع فيه الشروط الثلاثة حققه ولم يبدله نحو وَلا يَؤُدُهُ [البقرة: ٢٥٥] وتَؤُزُّهُمْ [مريم: ٨٣] ووَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى [القصص: ١٠] وظَلَمَكَ بِسُؤالِ [ص: ٢٤] وتأذن، وما تأخر، ألا ترى أن المثالين الأولين وإن كانت الهمزة فيهما فاء الفعل فإنها مضمومة وما قبلها مفتوحة وأن المثالين الثانيين وإن كانت الهمزة فيهما مفتوحة وما قبلهما مضموم فليست بفاء الفعل وأن المثالين الثالثين وإن كانت الهمزة فيهما فاء الفعل وهي المفتوحة فإن ما قبلها غير مضموم:
ويبدل للسّوسيّ كلّ مسكّن ... من الهمز مدّا غير مجزوم اهملا
أخبر عفا الله عنه أن السوسي أبدل له كل مسكن أي كل همز ساكنة على قاعدة الإبدال كما تقدم سواء كانت فاء أو عينا أو لاما مثال الفاء نحو ما تقدم لورش ومثال العين نحو البأس والرأس وبئر وبئس وما تصرف من ذلك ومثال اللام نحو قوله تعالى: فَادَّارَأْتُمْ [البقرة: ٧٢] وجئت وشِئْتَ [الأعراف: ١٥٥]، وما تصرف من ذلك، وقوله غير مجزوم أهملا استثناء يعني أن السوسي يبدل له الهمز الساكن إلا المجزوم منه فإنه أهمل من البدل فبقي محققا على أصله. ثم ذكر المجزوم منه فقال:
اعلم أن هذا المستثنى على خمسة أنواع: الأول ما سكونه علامة للجزم وهو جميع المذكور في هذا البيت. والنوع الثاني ما سكونه علامة للبناء. والثالث ما همزه أخف من إبداله. والنوع الرابع ما ترك همزة يلبسه بغيره. والخامس ما يخرجه الإبدال من لغة إلى لغة أخرى وعد في هذا البيت الكلم المجزوم وهي تسع عشر كلمة فمنها تسؤ في ثلاثة مواضع تسؤهم في آل عمران والتوبة وتسؤكم بالمائدة ومنها نشأ في ثلاثة مواضع إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ [الشعراء: ٤]، وإِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ [سبأ: ٩] وإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ [يس:
٤٣] ومنها يشأ في عشرة مواضع إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ [النساء: ١٣٣]، [الأنعام: ١٣٣]، [إبراهيم: ١٩]، [فاطر: ١٦]، مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ [الأنعام: ٣٩]، إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ [الإسراء: ٥٤] وفَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ [الشورى: ٢٤] وإِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ [الشورى: ٣٣]، وبالشورى وعد في جملتها مكسورتين في الوصل لالتقاء الساكنين وهما: من يشأ الله يضلله وقوله: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ [الشورى:
٢٤] والجزم فيهما يظهر في الوقف ومنها يهيئ في الكهف وننسأ بالبقرة وينبأ بالنجم فالهمزة في جميع ذلك ساكنة للجزم وقوله: تكملا أي تكمل المجزوم الذي لا يبدله السوسي. وأما قوله تعالى: وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها [الإسراء: ٧]، فالسوسي يبدل همزه وليس من المستثنى لأن سكون الهمز فيه لأجل ضمير الفاعل لا للجزم.