للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس عشر: الحلم والرفق بهم]

على الأب أن يكون حليماً في تربيته لأولاده، وأن يكون رفيقاً بهم، وألاَّ يكون قاسياً شديداً، فلقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرحم الناس وأكرمهم، وهو الذي كان يُقبِّل الحسن والحسين، وكان - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَبَّل الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((مَنْ لا يَرحَمُ لا يُرحَمُ)) (١).

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يا عائشةُ إنَّ الله رَفِيقٌ يُحبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطِي على الرَّفقِ ما لا يُعْطِي علَى العُنْفِ)) (٢).

وعن المقداد بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن البداوة؟ فقالت::كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبدو إلى هذه التِّلاع (٣)، وإنه أراد البداوة مرة فأرسل إليَّ ناقة محرَّمة (٤) من إبل الصدقة، فقال لي: ((يا عائِشَةُ، ارفِقِي فإنَّ الرِّفْقَ لم يَكُنْ في شيءٍ قَطّ إلا زَانَهُ، ولا نُزِعَ من شيءٍ قطّ إلا شَانَهُ)) (٥).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (رقم ٥٩٩٧)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك (رقم ٢٣١٨) ..
(٢) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق (رقم ٢٥٩٣).
(٣) التلاع: مسايل الماء من علو إلى سفل، واحدها تلعة. قاله ابن الأثير في النهاية (١/ ١٩٤).
(٤) محرمة: هي التي لم تركب ولم تذلل. قاله ابن الجوزي في غريب الحديث (١/ ٢٠٨).
(٥) أخرجه أبو داود، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الهجرة وسكنى البدو (رقم ٢٤٧٨)، وابن حبان (٢/ ٣١٠ رقم ٥٥٠)، وأحمد (٦/ ١١٢)، وابن أبي شيبة (٥/ ٢٠٩ رقم ٢٥٣٠٤). وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/ ٨٩ رقم ٢٤٧٨): صحيح دون جملة التلاع.

<<  <   >  >>