[المبحث الرابع والعشرون: التربية والتأديب بالقوة عند الحاجة]
لا شك أن التربية بالرفق، واللين، والرحمة، من أهم أساليب التربية، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، كما تقدم في المباحث السابقة، وما ضرب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أحداً بيده إلا أن يجاهد في سبيل اللَّه؛ لحديث: عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: ((مَا ضَرَبَ رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً قَطُّ بِيَدِهِ، وَلاَ امْرَأةً وَلاَ خَادِماً، إِلاَّ أنْ يُجَاهِدَ فِي سَبيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلاَّ أن يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى، فَيَنْتَقِمُ للَّهِ تَعَالَى)) (١).
ولكن إذا لم ينفع الرفق واللين، والرحمة؛ فإن التربية بالحكمة هي وضع الشيء في موضعه بإحكامٍ وإتقانٍ، بدون زيادة ولا نقصان؛ فإن المربِّي كالطبيب في معالجته للمرض والمرضى، فمن المرض ما يحتاج إلى حمية المريض عن بعض المأكولات، ومن المرض ما يحتاج إلى بعض الأدوية اليسيرة، ومن المرض ما يحتاج إلى كيٍّ بالنار عند الحاجة، ومن المرض ما يحتاج إلى عملية جراحية للمريض، إذا لم ينفع في علاجه غيرها، فتستخدم عند الحاجة إليها، بشرط الالتزام بالشروط والضوابط الشرعية، وقد جاءت نصوص من الكتاب والسنة في التأديب بالقوة عند الحاجة لذلك، وهي على النحو الآتي:
(١) أخرجه مسلم، كتاب الفضائل، باب مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله عند انتهاك حرمته، برقم ٢٣٢٧.