للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السابع عشر: الرحمة بالأولاد]

الرحمة بالأولاد والتبسط معهم، من أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهو القدوة العظمى والمربي الأول، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقاً، وهو الذي قال الله في شأنه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم} (١).

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ يُحرَمَ الرِّفْق يُحْرَمَ الخَير كلُّه)) (٢).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ)) (٣).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ومعه صبي، فجعل يضمه إليه، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أتَرْحَمَه؟)) قال: نعم، قال: ((فالله أْرحَمُ بِكَ مِنْكَ بهِ، وهوَ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ)) (٤).

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها فأعطتها عائشة ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين، ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقَّتها، فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته عائشة، فقال: ((ومَا يُعجِبُكِ مِنْ ذلكَ؟ لَقَدْ رَحِمَها الله بِرَحْمَتِها صَبِيَّيها)) (٥). وكان عليه الصلاة والسلام إذا رأى طفلاً


(١) سورة القلم، الآية: ٤.
(٢) أخرجه مسلم (رقم ٢٥٩٢) وتقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (رقم ٥٩٩٧)، وتقدم تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (رقم ٣٧٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٤٢٢ رقم ٧١٣٤)، والنسائي في النعوت والأسماء والصفات (ص ٣٠٨)، وفي جزء إملاء النسائي (رقم ٢). وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (رقم ٣٧٧).
(٥) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (رقم ٨٩)، والحاكم (٤/ ١٩٦ رقم ٧٣٤٩) وصححه. وكذا صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (رقم ٨٩).
بينما أخرج الحديث مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار. صحيح مسلم (رقم ١٤٨ - [٢٦٣٠].
وأخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت عليَّ امرأة معها ابنتان لها تسألني، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرةٍ واحدة، فأعطيتها إيَّاها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها شيئاً، ثم قامت فخرجت فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا، فأخبرته، فقال: ((من ابتُليَ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كُنَّ له ستراً من النار)). [البخاري كتاب الزكاة، باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، برقم ١٤١٨، وفي كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، برقم ٥٩٩٥. وأخرجه مسلم بهذا اللفظ أيضاً برقم ١٤٧ - [٢٦٢٩].

<<  <   >  >>