للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأُولى ثم خرج إلى أهله وخرجتُ معه، فاستقبلهُ وِلدانٌ فجعل يمسح خدَّيْ أحدهم واحداً واحداً، قال: وأما أنا فمسح خدَّيَّ فوجدت لِيَدِهِ برداً أو ريحاً، كأنما أخرجها من جؤنة (١) عطّار)) (٢).

[المثال الثالث: ملاطفته - صلى الله عليه وسلم - الحسن والحسين في مواقف كثيرة:]

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قبَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن عليٍّ وعنده الأقرع بن حابسٍ التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «من لا يَرْحم لا يُرحم» (٣).

وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: جاء أعرابيٌّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تُقَبِّلون صبيانكم فما نُقَبِّلُهُم، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أن نَزَعَ اللهُ من قلبك الرحمة» (٤)، والمعنى: لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها الله منه (٥).

والحسن والحسين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا من أحب الناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: ... وسمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «هُمَا ريحانتاي من الدنيا» (٦)، والمعنى: أنهما مما أكرمني الله وحباني به؛ لأن


(١) والجؤنة: السفط الذي فيه متاع العطار.
(٢) مسلم، كتاب الفضائل، باب طيب رائحة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولين مسه، والتبرك بمسحه، برقم ٢٣٢٩.
(٣) البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، برقم ٥٩٩٧.
(٤) البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، برقم ٥٩٩٨، ومسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال، وتواضعه، وفضل ذلك، برقم ٢٣١٧.
(٥) فتح الباري لابن حجر، ١٠/ ٤٣٠.
(٦) البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، برقم ٥٩٩٤.

<<  <   >  >>