للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثامن عشر: التلطف بالأطفال وإدخال السرور عليهم]

وَصَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الدرجة العليا في الكمال البشري في جميع المجالات، ومن هذه الأخلاق العظيمة أخلاقه مع الأطفال التي ضرب فيها المثل الأعلى، ولا يصل إلى درجته أحد من خلق الله تعالى، لا علماء النفس، ولا غيرهم؛ ولكن مع ذلك المسلم يُلْزِمُ نفسه على حسب قدرته بالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن هذا تلطفه ومداعبته الكريمة للأطفال، ومن ذلك على سبيل المثال والإيجاز ما يأتي:

المثال الأول: مداعبته - صلى الله عليه وسلم - محمود بن الرُّبيع:

قال محمود - رضي الله عنه -: ((عَقلتُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - مَجَّةً مجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلوٍ)) (١)، وقوله - رضي الله عنه -: عقلت: أي حفظت، ومجةً: المجُّ هو إرسال الماء من الفَمِ، ولا يُسمَّى مجًّا إلا إذا كان عن بُعدٍ، وفعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - إمَّا مداعبةً أو ليُبارك عليه كما كان ذلك شأنه مع أولاد الصحابة (٢)، قال شيخنا ابن باز رحمه الله: وهذا من باب المداعبة وحسن الخلق (٣).

[المثال الثاني: ملاطفته ومداعبته - صلى الله عليه وسلم - لجملة من الأطفال:]

عن جابر بن سَمُرة - رضي الله عنه -، قال: ((صليتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة


(١) البخاري، كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير، برقم ٧٧، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، برقم ٢٦٥ – (٣٣).
(٢) فتح الباري لابن حجر، ١/ ١٧٢.
(٣) سمعته منه أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ٧٧.

<<  <   >  >>