للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن هذه المرحلة من القوة لا تدوم مع الإنسان، بل إذا طال به العمر عاد مرة أخرى إلى الضعف، كما في قوله سبحانه: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُون} (١).

وقوله سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير} (٢).

قال ابن كثير رحمه الله (٣): يخرج من بطن أمه ضعيفاً نحيفاً واهن القوى، ثم يشب قليلاً قليلاً، حتى يكون صغيراً، ثم حدثاً، ثم مراهقاً، ثم شاباً وهو القوة بعد الضعف، ثم يشرع في النقص، فيكتهل، ثم يشيخ، ثم يهرم، وهو الضعف بعد القوة، فتضعف الهمة والحركة والبطش، وتشيب اللمة، وتتغير الصفات الظاهرة والباطنة.

وقال ابن جرير الطبري رحمه الله (٤): أحدث لكم الضعف بالهرم والكبر عما كنتم عليه أقوياء في شبابكم، {يَخْلُقُ مَا يَشَاء} يخلق ما يشاء: من ضعفٍ، وقوَّةٍ، وشبابٍ، وشيب.

وقال ابن الجوزي (٥) رحمه الله في قوله تعالى: {مِن بَعْدِ ضَعْفٍ


(١) سورة يس، الآية: ٦٨.
(٢) سورة الروم، الآية: ٥٤.
(٣) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٤٤٠).
(٤) انظر: جامع البيان في تفسير القرآن، القاهرة، دار الحديث ١٤٠٧هـ، (٢١/ ٣٦، ٣٧).
(٥) زاد المسير، الطبعة الأولى، بيروت، المكتب الإسلامي (٦/ ٣١٠).

<<  <   >  >>