للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الداعية المربِّي والمدعو، والأحوال والأزمان والأماكن، وإمكانية استخدام القوة مع أمن الوقوع في المفاسد؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته الدعوة إلى الله - تعالى - وإيجاب إنكار المنكر؛ ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله , فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه, وأبغض إلى الله ورسوله؛ فإنه لا يسوغ إنكاره, وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله, وهذا: كالإنكار على الملوك، والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر, وقد «استأذن الصحابة رضي الله عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها , وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: ((لا ما أقاموا الصلاة)) (١)، وقال: «من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر [ولا ينزعن يداً من طاعة]» (٢).

ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر؛ فطلب إزالته، فتولد منه ما هو أكبر منه وأنكر؛ ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يترك بعض الأمور المختارة، ويصبر على بعض المفاسد خوفاً من أن يترتب على ذلك مفسدة أعظم؛ ولهذا لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام


(١) مسلم، كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم (٣/ ١٤٨٢)، برقم ١٨٥٥، وأحمد بلفظه (٣/ ٢٨ – ٢٩).
(٢) مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن برقم ١٨٤٩، (٣/ ١٤٧٧)، وباب خيار الأئمة وشرارهم (٣/ ١٤٨٢)، واللفظ من الموضعين.

<<  <   >  >>