للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوم من الموحدين (١) من النار بالشفاعة.

وهذا إنما أُتِيَ صاحبُه من قلّة علمه وفهمه، فإنه سبحانه ههنا عمّم وأطلق فعُلِمَ أنه أراد التائبين. وفي سورة النساء خصّص وقيّد، فقال: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، فأخبر سبحانه أنه لا يغفر (٢) الشرك، وأخبر أنه يغفر ما دونه. ولو كان هذا في

حقّ التائب لم يفرّق بين الشرك وغيره (٣).

وكاغترار بعض الجهال بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)(٤) [الانفطار: ٦] فيقول: كَرَمُه! وقد يقول بعضهم: إنّه لقّن المغترَّ حجتَه، وهذا جهل قبيح. وإنما غرّه بربّه الغرورُ -وهو الشيطان- ونفسُه الأمّارة بالسوء، وجهلُه، وهواه.

وأتى سبحانه بلفظ "الكريم"، وهو السيّد العظيم المطاع (٥) الذي لا ينبغي الاغترار به ولا إهمال حقّه، فوضع هذا المغترُّ الغرورَ في غير موضعه، واغترّ بمن لا ينبغي الاغترار به.

وكاغترار بعضهم بقوله تعالى في النار: ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)[الليل: ١٥ - ١٦]، وقوله: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤]. ولم يدر هذا المغتر أنّ قوله: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤)[الليل: ١٤] هو لِنارِ


(١) ز: "قوم موحدين".
(٢) العبارة بعد "لا يغفر" في الآية إلى هنا ساقطة من س.
(٣) "وأخبر … وغيره" سقطت من ف، فاستدرك بعضهم في الحاشية: "وأخبر أنه يغفر ما دونه" فقط.
(٤) الآية الكريمة في ف إلى قوله تعالى ﴿الَّذِي خَلَقَكَ﴾ وفي س اكتفى بـ "الذي"!
(٥) س: "والمطاع".

<<  <  ج: ص:  >  >>