للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متبارك (١) إلا هو وحده، ولا مبارك إلا ما نسب إليه، أعني: إلى محبته وألوهيته ورضاه، وإلا فالكون كلّه منسوب إلى ربوبيته وخلقه. وكلّ ما باعده من نفسه من الأعيان والأقوال والأعمال فلا بركة فيه ولا خير فيه، وكلّ ما كان قريبًا منه (٢) من ذلك ففيه من البركة على حسب قربه منه.

وضد البركة اللعنة. فأرضٌ لعنها الله، أو شخصٌ لعنه (٣) أو عملٌ لعنه = أبعدُ شيء من الخير والبركة. وكلُّ ما اتصل بذلك، وارتبط به، وكان منه بسبيل، فلا بركة فيه البتة. وقد لعن عدوَّه إبليسَ، وجعله أبعدَ خلقه منه، فكلُّ ما كان من جهته فله من لعنة الله بقدر قربه منه واتصاله به.

فمن ها هنا كان للمعاصي أعظم تأثير في محق بركة العمر والرزق (٤) والعلم والعمل. فكلُّ وقتٍ (٥) عصيتَ الله فيه، أو مالٍ عُصِيَ اللهُ به، أو بدنٍ، أو جاهٍ، أو علمٍ، أو عملٍ، فهو على صاحبه، ليس له. فليس عمرُه وماله وقوته وجاهه وعلمه وعمله إلا ما أطاع اللهَ به.

ولهذا من الناس من يعيش في هذه الدار مائة سنة أو نحوها، ويكون عمره لا يبلغ عشر سنين أو نحوها؛ كما أنّ منهم من يملك القناطير


= أربعة مواضع: الأعراف (١٣٧)، والأنبياء (٧١، ٨١)، وسبأ (١٨). فإذا أضفنا إليها آية الإسراء كانت خمسة.
(١) ل: "مبارك".
(٢) "منه" ساقط من ف.
(٣) ل: "لعنه الله"، وهكذا بعده: "أو عمل لعنه الله".
(٤) ف: "الرزق والعمر".
(٥) ف: "وكل وقت".

<<  <  ج: ص:  >  >>