للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقابله (١) معرِّضٌ نفسَه للعداوة، والرائج بين الناس أولى بالإيثار، ونحو ذلك. فيُدخِلون الباطلَ عليه (٢) في كلّ قالب يقبله ويخِفّ عليه، ويُخرجون له الحقَّ في كل قالب يكرهه ويثقل عليه.

وإذا شئت أن تعرف ذلك فانظر إلى إخوانهم من شياطين الإنس، كيف يُخرِجون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قالب كثرة الفضول، وتتبّع عثرات الناس، والتعرض من البلاء لما لا يطيق (٣)، وإلقاء الفتن بين الناس، ونحو ذلك. ويُخرِجون اتّباعَ السنّة، ووصفَ الربّ تعالى بما وصف به نفسَه، ووصفه به رسولُه، في قالب التشبيه والتجسيم والتكييف.

ويسمون علوَّ الله على خلقه، واستواءَه على عرشه، ومباينتَه لمخلوقاته "تحيّزًا"، ويسمّون نزولَه إلى سماء الدنيا (٤) وقوله: "من يسألني فأعطيه" (٥) تحرُّكًا وانتقالًا، ويسمّون ما وصف به نفسَه من اليد والوجه أعضاءً وجوارح، ويسمّون ما يقوم به من أفعاله "حوادث"، وما يقوم به من صفاته (٦) "أعراضًا". ثم يتوصلون إلى نفي ما وصف به نفسَه بنفي هذه الأمورًا ويُوهمون الأغمار وضعفاءَ البصائر أنّ إثبات الصفات


(١) س، ز: "قائله". ل: "صاحبه".
(٢) ف: "عليه الباطل".
(٣) "لما لا يطيق" ساقط من ز.
(٤) س: "السماء الدنيا".
(٥) يشير إلى حديث أبي هريرة Object، أخرجه البخاري في التهجد، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل (١١٤٥)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء … (٧٥٨).
(٦) ز: "من خيفته"، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>