للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه (١)، من إهمالِ خلقه، وتضييعهم، وتركِهم سدًى، وخلقِهم باطلًا عبثًا.

ولا قدَره حقَّ قدره مَن نفى حقائق (٢) أسمائه الحسنى وصفاته العلى، فنفى سمعه وبصره، وإرادته واختياره، وعلوَّه فوق خلقه، وكلامه، وتكليمه لمن شاء من خلقه بما يريد (٣)؛ أو نفى عموم قدرته

وتعلّقها بأفعال عباده من طاعاتهم (٤) ومعاصيهم، فأخرجها عن قدرته ومشيئته وخلقه، وجعلهم يخلقون لأنفسهم ما يشاؤون بدون مشيئة الربّ؛ فيكون في ملكه ما لا يشاء، ويشاء ما لا يكون! تعالى الله (٥) عن قول أشباه المجوس علوًّا كبيرًا.

وكذلك ما قدره حقَّ قدره من قال: إنّه يعاقب عبده على ما لا يفعله العبد، ولا له عليه قدرة، ولا تأثير له فيه البتة، بل هو نفس فعل الرب ، فيعاقب عبدَه على فعله، وهو (٦) سبحانه الذي جبر العبدَ عليه، وجبرُه على الفعل أعظمُ من إكراه المخلوق للمخلوق. وإذا كان من المستمرّ في الفِطَر والعقول أنّ السيّد لو أكره عبدَه على فعل أو ألجأه إليه ثم عاقبه عليه لكان قبيحًا، فأعدل العادلين وأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين كيف يُجبر العبدَ على فعل لا يكون للعبد فيه صنع ولا تأثير، ولا هو واقعٌ بإرادته، بل ولا هو فعله البتة، ثمّ يعاقب عليه عقوبة الأبد؟


(١) "منه" ساقط من س.
(٢) ف: "من حقائق".
(٣) ز: "يريده".
(٤) ف: "طاعتهم".
(٥) لم يرد لفظ الجلالة في ز.
(٦) ما عدا س: "فعله هو".

<<  <  ج: ص:  >  >>