للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. وقول هؤلاء شرّ من قول أشباه المجوس، والطائفتان ما قدروا الله حقّ قدره.

وكذلك ما قدره (١) حقَّ قدره من لم يصُنْه عن بئر (٢) ولا حُشّ ولا مكان يُرغب عن ذكره، بل جعله في كلّ مكان؛ وصانه عن عرشه أن يكون مستويًا عليه، يصعد إليه (٣) الكلم الطيّب والعمل الصالح (٤)، وتعرج الملائكة والروح إليه وتنزل من عنده، ويدبّر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه (٥). فصانه عن استوائه على سرير الملك، ثم جعله في كلّ مكان يأنف الإنسان بل غيره من الحيوان أن يكون فيه.

وما قدره (٦) حقَّ قدره مَن نفى حقيقة محبته ورحمته ورأفته ورضاه وغضبه ومقته، ولا مَن نفى حقيقةَ حكمته التي هي الغايات المحمودة المقصودة بفعله، ولا مَن نفى حقيقة فعله ولم يجعل له فعلًا اختياريًّا يقوم به، بل أفعاله مفعولات منفصلة عنه، فنفى حقيقة مجيئه (٧) وإتيانه، واستوائه على عرشه، وتكليمه موسى من جانب الطور، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده بنفسه، إلى غير ذلك من أفعاله وأوصاف كماله التي نفَوها، وزعموا أنّهم بنفيها قد قدروه حقَّ قدره.


(١) ز: "قدر الله". وقد سقط من ل: "وكذلك ما قدره حق قدره".
(٢) ف: "نتن". وقال المؤلف في نونيته (٣١٥):
والقوم ما صانوه عن بئر ولا … قبر ولا حُشٍّ ولا أعطانِ
(٣) ل: "إليه يصعد".
(٤) زاد في ل: "يرفعه"، كما في سورة فاطر (١٠).
(٥) انظر سورة المعارج (٤)، وسورة السجدة (٥).
(٦) ف: "وما قدر الله".
(٧) ما عدا ز: "محبته".

<<  <  ج: ص:  >  >>